التنظيمات الإرهابية اليهودية منذ قيام الكيان الصهيوني وحتى الآن

طباعة 2018-11-16
التنظيمات الإرهابية اليهودية منذ قيام الكيان الصهيوني وحتى الآن

مقدمة:

لا تتطرق هذه الدراسة المقتضبة إلى إرهاب الدولة الذي يمارسه الكيان الصهيوني يوميًّا ضد الفلسطينيين وأنصارهم حيثما كانوا، حتى وإن كانوا خارج فلسطين، ولا تتطرق إلى إرهاب الدولة الذي يمارسه هذا الكيان ضد كثيرٍ من بلدان العالم العربي بل والإسلامي، ولا إلى الإرهاب الذي مارسته العصابات الصهيونية قبل قيام الكيان الصهيوني، ضد الفلسطينيين أصحاب الأرض وداخل حتى بعض البلدان العربية، وإنما تنصبّ الدراسة على التنظيمات الإرهابية التي نشأت بعد قيام الكيان الصهيوني، واستهدفت إكمال مهمة ترويع الفلسطينيين وتنغيص حياتهم، ودفعِهم دفعًا إلى الرحيل من وطنهم.

ولا تبالغ الدراسة ولا تتجنّى، حين تصِف هذه التنظيمات اليهودية بـ: الإرهابية، فهي أولًا صفة خلعها عليها كثيرٌ من الباحثين الأكاديميين الصهاينة الموضوعيين، ولم يعترض عليها أو يدحضها سوى نفر قليل من الأكاديميين المحسوبين على التيار الديني المتطرف، فيما ذهب فريقٌ وسطٌ من الباحثين إلى تصنيفها بأنها تنظيمات عنيفة؛ وهي ثانيًا، في نظري، صفة اقتضَتْها المنطلقات الفكرية والأيديولوجية التي مثّلت الرافد الرئيس لنشاط هذه التنظيمات، وأعني بها الأيديولوجية الدينية المسيحانية[1] المتطرفة، التي تؤمن بأن ما يُسمَّى (أرض إسرائيل) المزعومة هي لـ (شعب إسرائيل) وحدَه، وأن وجود الأغيار -غير اليهود من مسلمين ومسيحيين- على هذه الأرض غير جائز، بحسب هذه الأيديولوجية المتطرفة.

اعتمدت الدراسة على المصادر الإسرائيلية وحدَها، تحرّيًا للموضوعية، ودرءًا لأيّ شبهة من تحيُّز إعمالًا لمبدأ: و«شهِد شاهد من أهلها»؛ ولذا لم تلتفت الدراسة إلى مصادر عربية، ولا إلى مصادر لكاتبها ذاته، في هذا الشأن.

كما اعتمدت الدراسة، رغم إشكالية تعريف مصطلح الإرهاب، على تعريف كتّاب صهيونيين لهذا المصطلح للأسباب ذاتها المشار إليها آنفًا؛ وقد لاحظتُ أنه تعريف ينطبق تمامًا على هذه التنظيمات وعلى مجمل نشاطها وعملياتها، ولم تعتمد الدراسة على أيّ تعريفات أخرى قد تعكس أهدافًا بذاتها لأصحابها.

تنتهج الدراسة منهجًا تاريخيًّا، يتتبع الظاهرة منذ نشأتها بعد قيام الكيان الصهيوني وحتى وقتنا هذا، مع سردٍ للخلفية الأيديولوجية لهذه التنظيمات، وأبرز زعمائها، وأبشع العمليات الإرهابية التي نفّذتها، وأهدافها. ولا تتطرق الدراسة إلى العمليات الإرهابية العديدة التي ارتكبها أفراد يهود يتبنَّوْن أفكارًا دينية متطرفة، وما أكثرهم! وهم يحتاجون وحدَهم إلى دراسة مستقلة[2].

تمهيد: التعريف الأكاديمي الصهيوني لمصطلح «الإرهاب»

آثرتُ أن يكون التمهيد منصبًّا على تعريف أكاديميين إسرائيليين لمصطلح الإرهاب، كي يتبيّن للقارئ، بعد أن يطّلع على نشاط هذه التنظيمات، أننا لم نكن مبالغين في وصفنا لها بأنها تنظيمات إرهابية.

بدايةً، لا تتضمن قوانين الكيان الصهيوني تعريفًا لمصطلح الإرهاب، إلا أن بعض الأكاديميين والباحثين اجتهدوا في وضعِ تعريفٍ له، نذكر منهم البروفيسور إيهود سبرينزك، الذي عرّفه على النحو التالي:

استعمال عنفٍ حادّ (قتل أو إصابة بالغة أو تهديد بهما) ضد مدنيين، بالمخالفة التامة لقوانين الحرب ولكل الأعراف والمعايير المعمول بها؛ والنظر إلى هذا العنف بوصفه أداةً لنقل رسالة مخيفة وتهديد لجمهور عريض لا يتضرر بشكل مباشر من هذا العنف[3].

وعرّفه بوعز جانور، الباحث بمعهد السياسات المضادة للإرهاب، بأنه: «استعمال متعمّد أو تهديد باستعمال العنف ضد مدنيين أو أهداف مدنية؛ بغرض تحقيق أهداف سياسية»[4]. وهذا التعريف الأخير يستند إلى أربعة عناصر:

ماهية الفعل: استعمال عنف أو تهديد باستعماله.

هدف الفعل: دائمًا سياسي، أي تحقيق هدف سياسي.

الدافع إلى الفعل: أيديولوجي؛ ديني أو غير ذلك.

المستهدفون بالفعل: مدنيون[5].

وإذا تمعنَّا العمليات التي قامت بها التنظيمات اليهودية، التي سنعرض لها فيما يلي، سنجد أن التعريفين السابقين لمصطلح «الإرهاب»، لا سيما التعريف الأخير، ينطبقان عليها.

أبرز التنظيمات الإرهابية اليهودية:

تنظيمات: «تحالف المتعصبين»، و«المعسكر»، و«مملكة إسرائيل»

خرجت هذه التنظيمات الإرهابية اليهودية الثلاثة من عباءة التنظيم السري اليهودي الإرهابي المسلح، المعروف باسم «ليحي»[6]. يقول إيهود سبرينزك: إن «أعضاء هذه التنظيمات الثلاثة تأثروا، أيديولوجيًّا، بكتابات وبسِمات شخصية المنظّر الفكري لتنظيم «ليحي»، يسرائيل إلداد، الذي يُعَدّ الأكثر تطرفًا بين أعضائه»[7].

تأسست أيديولوجية التنظيمات الثلاثة على تصوُّر ديني يهودي أصولي متطرف، يرفض أن يكون الكيان الصهيوني كيانًا علمانيًّا، كما يرفض الحدود التي أقرَّها قرار التقسيم عام 1947م للكيان الصهيوني الجديد؛ لإيمانها بما يُسمَّى (أرض إسرائيل التوراتية الكاملة)، وقد انتهجت التنظيمات الثلاثة مسلكًا إرهابيًّا مسلحًا.

أسّس تنظيم «حلف المتعصبين»[8] شابان طالبان في أحد المعاهد الدينية اليهودية عام 1949م؛ بغرض تأسيس دولة تطبق الشريعة اليهودية. وقد أعلن الاثنان عن إقامة التنظيم في رسالة كتباها وأرسلاها إلى جريدة هآرتس. وجّه التنظيم عملياتِه ضد منتهكي حرمة وقدسية يوم السبت من اليهود، حيث أحرق أعضاؤه بعض المطاعم، والمقاهي، ودور السينما، والحافلات العامة، التي عملت في يوم السبت، وكانت آخر عملية موثقة لأعضاء هذا التنظيم هي محاولة طالبَيْن بأحد المعاهد الدينية اليهودية زرع قنبلة داخل وزارة التربية والتعليم بالقدس عام 1952م، أحبطتها الشرطة[9].

وقد كان من بين أعضاء هذا التنظيم الإرهابي موردخاي إلياهو، الذي صار فيما بعدُ الحاخام الأكبر للكيان الصهيوني، وشلومو لورنتس الذي أصبح رئيس اللجنة المالية بالكنيست الصهيوني عن حزب «أجودات يسرائيل» الديني الأصولي[10].

وقد سار تنظيم «المعسكر» على النهج ذاته الذي سار عليه تنظيم «حلف المتعصبين»، فأحرق أعضاؤه بعض سيارات الأجرة والشاحنات التي انتهكت قدسية يوم السبت، وخطّطُوا لزرع قنبلة داخل الكنيست الصهيوني من أجل التعبير عن معارضتهم لتجنيد النساء في الجيش[11].

أما تنظيم «مملكة إسرائيل» الذي عُرف باسم «تسريفين» -على اسم معسكر يسمى «تسريفين»، عقدت فيه محاكمة بعض أعضائه- فهو تنظيم شديد التطرف والتعصب كسابقَيْه. نشأ عام 1951م، لكنه كان يختلف عنهما في أنه حدد لنفسه هدفين: أحدهما ديني، والثاني قومي؛ حيث أحرق أعضاؤه المحال التجارية التي تبيع الطعام غير الحلال -غير المطابق للشريعة اليهودية- من ناحية، لكنه هاجم، من ناحية أخرى، المواقع الأردنية بالقرب من مدينة القدس، واستهدف قنصليات بعض دول الكتلة الشيوعية بزعم أنها دول معادية لليهود، حيث ألقى أعضاؤه قنبلة يدوية على مفوضية تشيكوسلوفاكيا بتل أبيب، ثم فجّروا بعد ذلك قنبلة في القنصلية الروسية؛ مما أدى إلى إصابة أربعة من العاملين بها، بمن فيهم زوج القنصل[12].

وقد أعلنت حكومة الكيان الصهيوني هذا التنظيم تنظيمًا إرهابيًّا عام 1953م، وألقت القبض على أعضائه وحاكمَتْهم، وحُكم عليهم بالسجن، لكن، وكما هو معتاد أُطلق سراحهم في أبريل 1955م، بتوصية من جهاز الأمن العام -«الشاباك»- ورئيس حكومة الكيان الصهيوني آنذاك[13]. ومما تجدر الإشارة إليه أن إلقاء القبض على أعضاء التنظيم وإعلانه تنظيما إرهابيًّا لم يأتِ إلا بعد أن ألقت أجهزة الأمن القبض على طلاب يهود يدرسون في أحد المعاهد الدينية بالقدس، وبحوزتهم مواد ناسفة كانوا يعتزمون استعمالها في تفجير وزارة التربية والتعليم؛ اعتراضًا على قانون التعليم الحكومي الرسمي غير الديني[14].

ويلخص يعقوف حيروتي، أحد مؤسسي هذا التنظيم، المنابع الفكرية له وللتنظيم التي جعلته يؤمن بأن ما يُسمَّى (أرض إسرائيل) هي لـ (شعب إسرائيل) فقط، وبأن حدودها يجب أن تكون الحدود التي (وعد الله) بها إبراهيم، من النيل إلى الفرات كما يلي: تأثره بشعر الشاعر الصهيوني اليميني المتطرف، أوري تسفي جرينبرج، لا سيما قصيدته المعنونة: «حقيقة واحدة لا غيرها»، وبخاصة السطر الشعري الذي يقول: «الأرض تحتل بالدم»؛ وتأثره بأفكار ما يسمى (الإحياء) التي أرساها أفراهام شتيرن، مؤسس التنظيم الإرهابي المسلح «ليحي»؛ وتأثره بالأفكار الرئيسة للمنظّر الفكري لتنظيم «ليحي» يسرائيل إلداد[15]. وقد عمل «حيروتي» هذا، بعد العفو عنه، محاميًا (يشتري) الأراضي الفلسطينية، عبر التحايل، داخل الضفة الغربية والقدس.

تنظيما «كاخ» و«كهنا حي»

 أسَّس الحاخام المتعصب ميئير كهنا تنظيم «كاخ» الإرهابي في سبعينيات القرن العشرين، على خلفية عنصرية قوامها التخلص من كل الفلسطينيين الموجودين على أرض فلسطين التاريخية، سواء داخل الكيان الصهيوني أم داخل الضفة الغربية، فيما عُرف باسم: «الترانسفير» -المعنى المخفف لمعنى الطرد، الذي يليق بهذا المصطلح- إيمانًا منه بالفكرة الدينية التوراتية القائلة إن ما يُسمَّى (أرض إسرائيل) هي لـ (شعب إسرائيل وحسب)، وإن الأغيار -غير اليهود- يجب ألا يكون لهم وجود فيها. وقد آمن هذا الحاخام المتطرف، كذلك، بوجوب إقامة دولة دينية في الكيان الصهيوني، تُطبَّق فيها أحكام الشريعة اليهودية؛ كما آمن بأن العنف والإرهاب هو السبيل الوحيد للتخلص من كل الأغيار -الفلسطينيين- في هذا الكيان الذي يسعى إلى تحقيقه؛ مما شجّع أعضاء عديدين من حركته على ارتكاب عمليات إرهابية ضد الفلسطينيين داخلَ الكيان الصهيوني وخارجَه[16].

وعن تيار الصهيونية الدينية، وعن مدى امتثاله أو عدم امتثاله لقوانين الكيان الصهيوني المدنية، يقول موشيه هلينجر ويتسحاق هيرسكوفيتس في بحثٍ لهما: إن أعضاء حركة «كاخ» لا ينتمون إلى المعسكر الصهيوني الديني المعروف، من حيث بنيتهم الفكرية، وإنهم يتبنّون مواقف صهيونية دينية، تتداخل مع مواقف أصولية يهودية وأخرى راديكالية مصدرها الولايات المتحدة الأمريكية[17]، حيث وُلد ونشَأ هذا الحاخام في أمريكا، ثم هاجر وهو في سن كبيرة إلى الكيان الصهيوني.

أقام بعض أعضاء «كاخ» تنظيمًا سريًّا صغيرًا داخل الحركة، سمَّوْه «جل» -الخلاص لإسرائيل- في عام 1978م، وخططوا للقيام بعمليات إرهابية ضد الفلسطينيين وشرعوا بالفعل في تنفيذ بعضها، كان من بينها التخطيط لنسف قبة الصخرة[18]؛ كما كان لحركة «كاخ» ذراع عسكرية خاصة، تُسمَّى «لجنة أمن الطرق»، شنّت هجمات ضد بعض الأحياء الفلسطينية، وأحرقت بعض بيوت الفلسطينيين، وثقبت إطارات سيارات بعضهم؛ وضمت هذه الذراع في عضويتها نحو 350 فردًا، بخلاف المتطوعين الذين انضموا إليها «وقت الحاجة»[19]، أي ما يعادل كتيبة عسكرية تقريبًا!! فهل كان أمرها ونشاطها يخفيان على سلطات الكيان الصهيوني؟ أم إن وجود الحركة وذراعها العسكرية كان يخدم أهدافه، الخفية منها والعلنية؟ وقد ارتكب هذا الذراع العسكري، بحسب كلام أحد أعضائه البارزين ويدعى تيران بولاك، أكثر من عملية إرهابية ضد الفلسطينيين ما بين عامَيْ 1992 1993م فقط[20].

وبعد أن قُتل الحاخام ميئر كهنا، في نوفمبر 1990م، على يدِ شابٍّ مصري في ولاية نيوجرسي الأمريكية، انقسمت حركة «كاخ» إلى اثنتين: حركة «كاخ» وحركة «كهنا حي»، والأخيرة تحت قيادة ابنه، بنيامين كهنا. وانبثق عن حركة «كهنا حي» تنظيم إرهابي سري مسلح، أطلق على نفسه اسم «وحدة الانتقام»، كان هدفه الرئيس الانتقام لاغتيال الحاخام العنصري ميئير كهنا[21]. وقد ارتكب هذا التنظيم الإرهابي عمليات إرهابية عديدة ضد الفلسطينيين، كان أبرزها تلك العملية التي جرَتْ في شهر نوفمبر عام 1992م، في الذكرى السنوية الثانية لاغتيال ميئير كهنا، التي ألقى فيها أعضاء التنظيم قنبلة يدوية في قلب سوق القصّابين بالحي الإسلامي في البلدة القديمة بالقدس؛ مما أدّى إلى مقتل مواطن فلسطيني مقدسي، وإصابة سبعة آخرين. وكما هو معتاد، حُوكِم أعضاء التنظيم وحُكِم عليهم بالسجن، لكنهم حصلوا، فيما بعد، على عفو رئاسي من الرئيس الإسرائيلي آنذاك عيزرا فايتسمان[22].

وفى عام 1994م، أعلنت حكومة الكيان الصهيوني رسميًّا حركتي «كاخ» و«كهنا حي» حركتين إرهابيتين، وذلك في أعقاب المذبحة التي ارتكبها الإرهابي اليهودي باروخ جولدشتاين[23] ضد المصلّين الفلسطينيين في الحرم الإبراهيمي بالخليل في صلاة فجر يوم «الجمعة اليتيمة» التي تسبق بداية شهر رمضان المبارك، فقتل 29 مُصليًا، وأصاب 125 آخرين[24].

وقد خلص تقرير لجنة التحقيق التي شكّلها الكيان الصهيوني في أعقاب هذه المذبحة، برئاسة القاضي «شمجار»، إلى أن الهيئات الرسمية المفوَّضة لم تفعل، على مرّ السنين، ما يتعين عليها أن تفعله لمنع العمليات الإرهابية العديدة التي جرَتْ ضد الفلسطينيين من جانب المستوطنين[25].

التنظيم السري الإرهابي اليهودي (1980-1984)

يُعَدّ هذا التنظيم أكبر وأخطر التنظيمات اليهودية الإرهابية السرّية التي تشكلت داخل الكيان الصهيوني حتى الآن، وقد تشكَّل في مطلع ثمانينيات القرن العشرين، وضم 29 إرهابيًّا معظمهم ضباط احتياط بجيش الكيان الصهيوني، ومستوطنون متطرفون محسوبون على تيار الصهيونية الدينية[26]. يرى الباحث دافيد فايسبورد أنهم «وكلاء لجماعة «جوش إيمونيم»[27]؛ وقد عُرف هذا التنظيم الإرهابي في أدبيات الصحافة الصهيونية باسم: «التنظيم السري اليهودي»[28]. ويقول شلومو فيشر: «إن التنظيم استهدف تغيير وضع دولة الكيان الصهيوني عن طريق تنفيذ عمليات إرهابية مدوية»[29]، فيما يشير مؤلِّفَا كتاب العنف السياسي من جانب اليهود في إسرائيل، شيلي ليفي ويوناتان إرليخ، إلى أن هذا التنظيم اليهودي الإرهابي قد تشكَّل ردًّا على اتفاقيات كامب ديفيد[30] من مجموعة من المستوطنين المتطرفين، الذين يؤمنون بما يُسمَّى (أرض إسرائيل الكاملة)، وعملوا من أجل منع تطبيق اتفاق السلام مع مصر، الذي يقضي بانسحاب جيش الكيان الصهيوني من سيناء، التي هي في نظرهم جزء لا يتجزأ من هذه الأرض المزعومة.

وقد تبنَّى أعضاء هذا التنظيم الإرهابي أفكارًا دينية أخروية تتعلق بما يسمى، في الفكر الديني اليهودي، «الخلاص» -أي الخلاص النهائي للجماعة اليهودية ولما يُسمَّى (أرض إسرائيل الكاملة)- الذي لن يتحقق في نظرهم إلا عبر ممارسة سيادة يهودية كاملة وخالصة على كل شبر مما يزعم أنه (أرض إسرائيل الكاملة)؛ بما يعني التخلص من كل وجود غير يهودي -إسلامي أو مسيحي- ومن كل رمز ديني غير يهودي، لا سيما الرموز الدينية الإسلامية، وعلى رأسها المسجد الأقصى.

ومن هنا خطَّط أعضاء هذا التنظيم الإرهابي -ضِمن مخططات أخرى - لنسف المسجد الأقصى وقبة الصخرة بهدف التعجيل بهذا (الخلاص) المزعوم.

يقول البروفيسور إيهود سبرينزك: إن أعضاء التنظيم خططوا بعناية فائقة لهذه العملية الإرهابية، وإنها كان من المفترض أن تُنفَّذ في بداية عام 1982م، إلا أنها لم تُنفَّذ لأسباب عديدة، من بينها أن أحدًا من الحاخامات المشهورين من حركة «جوش إيمونيم»، الاستيطانية المتطرفة -التي كانت الحركة الأم لجميع التنظيمات الإرهابية اليهودية- لم يصادق عليها[31]. إلا أن قوله هذا يتعارض مع آراء أخرى، سنعرض لها لاحقًا، تتعلق برأي الحاخامات في هذه العملية.

وعلى الرغم من أن خُطّة نسف المسجد وقبة الصخرة لم تُنفَّذ، فإن أعضاء هذا التنظيم الإرهابي اليهودي نفّذوا عددًا من العمليات الإرهابية التي اختاروها بعناية ضد الفلسطينيين، إحداها ضد مؤسسات تعليمية فلسطينية إسلامية، وأخرى ضد قيادات فلسطينية مدنية، وكان لها صدًى كبير في حينه، نذكر منها على سبيل المثال:

استهداف القيادات الفلسطينية

يُعَدّ استهداف القيادات الفلسطينية نهجًا ثابتًا ومستمرًّا في العقيدة العسكرية للكيان الصهيوني، وهو نهجٌ لا يزال قائمًا حتى يومنا هذا.

وقد سار أعضاء التنظيم السري اليهودي الإرهابي على النهج ذاته؛ حيث قاموا في الثاني من شهر يونيو لعام 1980م بتفخيخ وتفجير سيارات ثلاثة رؤساء مدن فلسطينية، وأعضاء في منظمة التحرير الفلسطينية، وفى لجنة التوجيه القومي، هم: بسام الشكعة، رئيس بلدية نابلس؛ وكريم خلف، رئيس بلدية رام الله؛ وإبراهيم الطويل، رئيس بلدية ألبيرة. وقد أصيب الشكعة وخلف في هذه العملية الإرهابية إصابات بالغة، حيث بُترت أرجلهما، أما إبراهيم الطويل فقد نجا بأعجوبة، بعد أن اتصل بالإدارة العسكرية الصهيونية عقبَ علمِه بما حدث لنظيرَيْه، فأرسلت الإدارة خبير مفرقعات فلسطينيًّا، ممن يحملون جنسية إسرائيلية، مجندًا في سلاح حرس الحدود، يدعى سليمان حرباوي، أصيب بالعمى عندما انفجرت العبوة المزروعة في وجهه وهو يفتح باب جراج سيارة «الطويل». وربما كانت هذه المرة الأولى التي تُستعمل فيها السيارات المفخخة في المنطقة؛ مما يعنى أن هذه الوسيلة الإرهابية البشعة هي نتاج إرهابي يهودي بَحْت.

استهداف المؤسسات التعليمية الفلسطينية ذات الطابع الإسلامي

في شهر يوليو من عام 1983م، هاجم بعض أفراد هذا التنظيم اليهودي الإرهابي الجامعة الإسلامية بمدينة الخليل بالقنابل اليدوية والرشاشات فقتلوا، بشكلٍ عشوائيّ، ثلاثة من الطلبة، وأصابوا ثلاثين آخرين، حيث كان الهدف القتل من أجل القتل.

استهداف حافلات الركاب الفلسطينية

خطَّط أعضاء التنظيم، في شهر أبريل لعام 1984، لتفجير خمس حافلات فلسطينية مُحمَّلة بالركاب في القدس الشرقية، لكنّ أمر العملية افتُضح قُبيل انفجار العبوات الناسفة التي زرعها الإرهابيون اليهود في بطن الحافلات، وألقي القبض على أعضاء هذا التنظيم الإرهابي[32].

أ- المنابع الفكرية والأيديولوجية

يقول الحاخام يوحاي روديك في كتابه أرض الخلاص عن الخلفية الأيديولوجية لهذا التنظيم الإرهابي، الذي خرج من عباءة حركة «جوش إيمونيم»، خاصةً جماعة «جبل الهيكل»: إن هذه الخلفية الأيديولوجية تكمن في فرضيتين أساسيتين:

الأولى، أنه يوجد لدى الجمهور الديني القومي، الذي يرى في المشروع الصهيوني مرحلةً اقتضاها الواقع نحو تحقيق «الخلاص» التام، ما يشبه الدافع الروحي الداخلي الذي لا يفارقه ولا يتركه يهدأ.

أما الثانية، فهي أن التنظيم يستمد وجوده من الصِّدَام المبدئي بين منظومتين معياريتين: إحداهما تتمثل في القوانين العلمانية لدولة الكيان الصهيوني وتداعياتها على مجالات القضاء وعلى نمط الحياة داخل الكيان الصهيوني، أما الأخرى فتتمثل في قوانين الشريعة اليهودية، وواجب الجمهور الديني للحفاظ عليها وتطبيقها[33].

وقد لا يختلف رأي الحاخام روديك كثيرًا عن رأي عضوٍ من أعضاء التنظيم صار صحفيًّا مرموقًا فيما بعد، هو حجاي سيجل، رئيس تحرير صحيفة ماقور ريشون الناطقة بلسان حال المستوطنين، والذي ألّف كتابًا حول تجربته الإرهابية بعنوان إخوة أعزاء، يشير فيه إلى أن التنظيم يستمد فكره وأيديولوجيته من مصادر لاهوتية، تؤمن بضرورة إقامة ما يُسمَّى «مملكة إسرائيل»، وأن هذا الفكر هو، في الأساس، من بنات أفكار شبتاي بن دوف ومُنظّري تنظيمي «بريت هبريونيم» و«ليحي»، في الخمسينيات من القرن العشرين، وأن فكر شبتاى بن دوف، تحديدًا، أثّر كثيرًا في أعضاء التنظيم[34]. ويتفق معه في هذا الرأي باحث آخر هو تومر بريسكو، الذي أشار في كتابه الصهيونية المسيحانية المتطرفة، إلى أن بعض أعضاء التنظيم من المؤدلجين استمدوا السند الديني لعملياتهم الإرهابية من أفكار إرهابي يهودي آخر، هو شبتاي بن دوف، فيما استمد البعض الآخر هذا السند من أفكار الحاخام أفراهام يتسحاق هكاهان كوك[35].

ويرى إيهود سبرينزك أن المزاج العام، المسيحاني الراديكالي، الذي ساد في الكيان الصهيوني عقب الانتصار في حرب يونيو 1967، مثَّل فيما بعدُ أساسًا فكريًّا ملهمًا للعمليات الإرهابية التي قام بها التنظيم[36]. ويتفق معه الدكتور «باروخ بيلح» في نقطة تأثير الأفكار المسيحانية في أعضاء التنظيم، إلا أنه يذهب، في أطروحته للدكتوراه التي تحمل عنوان التاريخ السري للمسيحانية اليهودية، إلى أن هذه الأفكار المسيحانية اليهودية ليست وليدة انتصار 1967، وإنما بدأت مع نهاية عشرينيات القرن العشرين؛ حين أسّس مجموعة من المتطرفين، على رأسهم الشاعر أوري تسفي جرينبرج وشخص يدعى أبا أحيميئير بعد ثورة البراق في عام 1929، تنظيمًا يدعى (بريت هبريونيم) يستهدف إعادة بناء ما يسمى «مملكة إسرائيل» طبقًا لشريعة التوراة. ولا يكتفي بالانتظار المترقّب للمسيح اليهودي المخلِّص، وإنما يبادر بعمليات سرية وإرهابية من أجل التعجيل بخلاص اليهود وأرض إسرائيل[37].

ب- موقف المؤسسات الرسمية للكيان الصهيوني من التنظيم

قد لا يكون ثمة جديد في موقف الحاخامات إزاء ما قام به التنظيم من عمليات إرهابية؛ إذ يذكر «نفتالي راز» أن أعضاء التنظيم حين تشاوروا في أمر نسف قبة الصخرة والمسجد الأقصى مع الحاخام تسفي يهودا كوك، الزعيم الروحي لحركة «جوش إيمونيم» اختار أن يصمت[38]، بما يعني أنه يوافق ضمنيًّا على العملية. فيما يشير يوسي جورفيتس إلى أن سبب معارضة 7 حاخامات من أصل 11، طلب أعضاء التنظيم رأيهم الديني في مسألة نسف المسجد الأقصى وقبة الصخرة، كان التخوف من ألا يلتفّ سائر اليهود حولها وحول الرؤيا الدينية الكامنة خلفها[39]، وليس رفض العمل الإرهابي في حدّ ذاته.

وبعد إلقاء القبض على أعضاء التنظيم ومحاكمتهم، وإصدار أحكام بحبسهم لمدد طويلة لبعضهم، دشّن الحاخام يهودا حزائي أحد زعماء «جوش إيمونيم»، معركة إعلامية ضخمة ومكلّفة من أجل إطلاق سراح المسجونين، تحت رعاية رئيس الحكومة اليميني المتطرف يتسحاق شامير، وقد وقّع 300.000 شخص على عريضة في هذا الشأن. وقد أسفرت الحملة عن إطلاق سراحهم جميعًا في غضون بضع سنوات، بعد أن أصدر رئيس الكيان الصهيوني حينها، حييم هرتسوج، والد زعيم المعارضة في الكيان حاليًّا يتسحاق هرتسوج، عفوًا عنهم، بمن فيهم مَن حُكم عليهم بالسجن المؤبد[40].

ومن المثير للغاية أن بعض أعضاء هذا التنظيم الإرهابي صاروا، بعد الإفراج عنهم، شخصياتٍ عامةً مرموقة، منهم شخص يدعى زئيف حيفر، شغل منصب الأمين العام لحركة «أمناه» -ميثاق- الذراع التنفيذية لمجلس مستوطنات الضفة وغزة، وهو المجلس المنوط بإقامة المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وشخصٌ آخر يدعى حجاي سيجل، يشغل اليوم، كما ذكرنا سابقًا، رئيس تحرير صحيفة ماقور ريشون[41].

وإذا كان موقف الحاخامات بدهيًّا، فإن موقف حكومة الكيان الصهيوني وجيشه وهيئاته الأمنية، وسلطات القانون به، موقفٌ يدعو إلى الريبة، بل يرجح وجود شبهة تواطؤ مع التنظيم وعملياته. فبادئ ذي بدء، رفضَ رئيس الحكومة ووزير الدفاع آنذاك مناحيم بيجن، وبشكلٍ قاطع، اعتقالَ أي فرد من أفراد هذا التنظيم الإرهابي اعتقالًا إداريًّا، لكونهم فقط يهودًا، بعد استهداف التنظيم لرؤساء المدن الفلسطينية؛ وهذا الرفض مُثبَت في محضر اجتماع بيجن برؤساء هيئات الأمن غداة هذه العملية الإرهابية[42].

ومن المهم أن نشير إلى أن عددًا لا يستهان به من قادة الجيش رأوا أنه ليس ثمة مشكلة فعلية في استهداف التنظيم لبعض العناصر الفلسطينية؛ وقد ساهم في تعزيز موقف الجيش حقيقةً أن رئيس الحكومة اليميني المتطرف مناحيم بيجن، الذي شغل منصب وزير الدفاع أيضًا، بعد استقالة وزير دفاعه عيزر فايتسمان، وأن رئيس الأركان رفائيل إيتان، صاحب المواقف اليمينية المتطرفة، مال إلى التقليل من خطورة عمليات التنظيم؛ وهو ما ساهم في غضّ الطرف عن العمليات الإرهابية للتنظيم في المراحل الأولى[43].

بل إن بوعز هنمان، عضو سابق في التنظيم ومحامٍ مرموق الآن، يعمل في مجال (شراء) الأراضي الفلسطينية لحساب المستوطنين، يتهم جهاز الأمن العام الصهيوني «الشاباك»، صراحةً، بأنه كان على علم بوجود التنظيم، وبأن عمليات التنظيم توافقت مع أهدافه؛ إذ يقول في حوارٍ أجرَتْه معه صحيفة «هآرتس» في 23/5/2007م، ردًّا على سؤال بشأن ما إذا كانت نظرة المؤسسة والناس متسامحةً تجاه التنظيم وعملياته: «سأقول لك ما هو أكثر من ذلك.

لقد عرف «الشاباك» بنشاط التنظيم في مراحل متقدمة جدًّا، حتى قبل أن أنضمَّ أنا إليه، وكان وجود التنظيم أمرًا ملائمًا له، بل إنه نُظر إلى تفخيخ وتفجير سيارات رؤساء المدن الفلسطينية على أنها عملية من عمليات الشاباك من حيث طبيعتها. وقد قال لنا مسؤولون في الشاباك، إنهم «مبسوطون»[44]. كان بوسع الشاباك أن يُبطل هذه العملية في مراحل متقدمة جدًّا، وأن يُبلغ أعضاء التنظيم في مرحلة مبكرة بأن هذه اللعبة غير مقبولة. لكن كان ثمة مصلحة في أن تتم هذه العملية. لقد توافقت أهداف التنظيم مع عمل الشاباك، ومع أهداف المشروع الاستيطاني الذي كان يلقى آنذاك رعايةً كبيرة»[45].

أما موقف سلطات القانون في الكيان الصهيوني من هذا التنظيم وعملياته الإرهابية، فقد فضحه التقرير الفرعي للمستشار القضائي للحكومة في حينه، يهوديت كارف، الذي أدان في عام 1985 «العلاقة الواضحة بين كثرة الملفات التي يتم إغلاقها ضد المستوطنين، والتحقيقات الهزلية التي تجرى معهم»[46].

وإذا كان هذا هو موقف الكيان الصهيوني، بحكومته وهيئاته الأمنية وجيشه وسلطاته القانونية ومؤسساته الدينية، فإن موقف اليهود خارج هذا الكيان يكشف عن تناغُم تامّ بين الطرفين حيال المسألة؛ إذ يكشف عيرا ربابورت، أحد أعضاء التنظيم في حوارٍ أجراه معه الصحفي شالوم يروشلمي، أن نشاطه في التنظيم حوّله إلى (بطل) داخل الكيان الصهيوني وفى أمريكا أيضًا، حين ذهب إليها في مهمة: «استقبلنا السواد الأعظم من الحاخامات في الكُنس، وزعماء الطوائف اليهودية بالأحضان، وشكرونا على أننا استهدفنا بسام الشكعة»[47].

وفى ختام الحديث حول هذا التنظيم الإرهابي اليهودي، وموقف المؤسسات الرسمية بالكيان الصهيوني منه ومن عملياته، من المهم أن نضيف أن سلوك كل هذه المؤسسات عكسَ نظرة متعاطفة تجاه نشاطٍ إرهابيٍّ يهوديٍّ فعليٍّ قام به أشخاص معروفون ومُقرّبون من مؤسسة الاستيطان، التي هي في الأساس مؤسسة رسمية بلا أي رتوش. وليس أدلّ على هذه النظرة المتسامحة تجاه هذا الإرهاب الصريح من بعض السلوكيات التي أحصاها موشيه هلينجر في بحثه، نذكر منها:

غضّ قوات الأمن الطرف عن وجود هذا التنظيم الإرهابي وعن عملياته.

مظاهر الفرح التي كانت تسود قيادة قوات الكيان الصهيوني في الضفة الغربية بعد كل عملية يقوم بها
التنظيم.

كلمات قائد فرقة الضفة الغربية العميد بنيامين (فؤاد) بن إليعازر[48] - شغل بعد تسرّحه من الجيش مناصب وزارية رفيعة في بعض الحكومات الصهيونية لبعض أعضاء التنظيم، بعد إلقاء القبض عليهم، بأنه لم يُعلمهم أن يصيبوا الأرجل فقط -في إشارةٍ إلى بتر ساقَيْ كلٍّ من الشكعة وخلف.

تراخى الشاباك في الكشف عن أعضاء التنظيم ثلاث سنوات على الأقل؛ إذ لم يكشف عن التنظيم الذي تشكَّل عام 1980 إلا عام 1983.

التساهل في محاكمة أعضائه وتخفيف الأحكام عنهم، والإفراج عنهم بعفوٍ رئاسي قبل انقضاء مدة الحكم بفترة كبيرة.

الدعم الكبير الذي حصلت عليه الحملة التي نظمتها دوائر اليمين الصهيوني، من أجل الإفراج والعفو عن المسجونين من أعضاء التنظيم، من رئيس الحكومة حينها يتسحاق شامير[49].

وعلى ضوء هذا التعاطف الواضح، لا عجب إذًا في أن يؤكد عضو التنظيم بوعز هنمان -في حواره الصحفي المشار إليه آنفًا مع جريدة هآرتس، ردًّا على سؤال حول إمكانية أن ينتج مجتمع المستوطنين تنظيمًا سريًّا إرهابيًّا يهوديًّا جديدًا- أن «المجتمع الإسرائيلي كله، وبجميع أطيافه السياسية والدينية، لا تزال تُعشّش به غريزة الشر»[50]؛ مما يعني أن إمكانية نشوء تنظيمات مماثلة في المستقبل أمرٌ غير مُستبعَد.

تنظيم: تي. إن. تي (إرهاب ضد إرهاب) واستهداف المؤسسات الدينية الفلسطينية

يزعم أنصار هذا التنظيم اليهودي الإرهابي، شأنهم في ذلك شأن سائر التنظيمات الإرهابية اليهودية التي تشكّلت داخل الكيان الصهيوني خلال فترات مختلفة منذ قيامه وحتى الآن، أنهم (مضطرون) إلى انتهاج هذا المسلك الإرهابي ردًّا على ما يُزعم أنه (إرهاب) فلسطيني، متجاهلين أن القوانين والمواثيق الدولية كافةً تمنح المحتلَّة أرضُهم الحقَّ في مقاومة هذا الاحتلال بكلّ السُّبل.

العمليات الإرهابية التي قام بها أعضاء هذا التنظيم.

نفّذ أعضاء هذا التنظيم الإرهابي سلسلةً من العمليات الإرهابية في ديسمبر 1983م ويناير 1984م، استهدفت المؤسسات الدينية الفلسطينية في منطقة القدس على وجه التحديد، عن طريق زرع قنابل موقوتة بها؛ وقد ألقى القبض على أعضاء التنظيم المتهمين بالقيام بهذه العمليات، في 9 أبريل 1984م، وحُوكموا، وحُكم عليهم بالسجن ستّ سنوات، خُفّفت فيما بعدُ كما هو معتاد[51].

تنظيم: عصبة ليفتا.. والسعي لتفجير المسجد الأقصى

سُمّي هذا التنظيم على اسم قرية صغيرة مهجورة في فلسطين، اتخذها أعضاؤه وكرًا للتخطيط لعملياتهم هي قرية «ليفتا». وقد سعى أعضاؤه إلى تفجير ونسف المسجد الأقصى؛ حيث تسللوا، في ليلة السادس والعشرين من شهر يناير عام 1984م، إلى باحة المسجد الأقصى وهم يحملون عبواتٍ ناسفة، لكنّ أمرهم انكشف قبل أن يتمكنوا من تنفيذ مخططهم. وحين مثلوا للمحاكمة، رأت هيئة المحكمة، كما هو معتاد ومتوقَّع من سلطات متواطئة، أن اثنين من أعضاء هذا التنظيم الإرهابي غير مؤهلين عقليًّا -وكأنهما مؤهلان فقط للتخطيط لنسف المسجد الأقصى بكل ما يقتضيه ذلك من إعداد وتكتيك وخلافه- فيما هرب واحدٌ آخر منهم إلى خارج الكيان الصهيوني، أما رابعهم فقد حُكم عليه بالسجن، لكنه هرب من محبسه في عام 1988م، واستطاع الحصول على صاروخ من طراز «لاو»، كي يستأنف مخطط التنظيم بنسف المسجد الأقصى، لكنه سلَّم نفسه للشرطة قبل أن يشرع في تنفيذ مخططه الإرهابي.

ويعطي هذا التساهل الواضح من جانب سلطات الكيان الصهيوني الأمنية والقضائية، ضوءًا أخضر، بالتأكيد، لكلِّ مَن تُسوّل له نفسه من اليهود، وما أكثرهم، استهداف الفلسطينيين ومؤسساتهم الدينية.

التنظيم السري اليهودي الإرهابي: «بت عين» واستهداف الوجود الفلسطيني في القدس

يسعى الكيان الصهيوني سعيًا حثيثًا نحو تهويد مدينة القدس، وهو ينتهج في ذلك كل السبل الممكنة، من سَنّ قوانين تُضيّق على الفلسطينيين في القدس وتُقيّد حركتهم، ومن استيلاءٍ على منازلهم وأراضيهم بحِيَل مختلفة، وإقامة مستوطنات لمحاصرة الوجود الفلسطيني في القدس الشرقية. ويأتي تشكُّل هذا التنظيم اليهودي الإرهابي في عام 2002م، من بضعة مستوطنين متطرفين ليكمل مهمة المؤسسات الرسمية للكيان الصهيوني، لكن عبر وسائل إرهابية صريحة تستهدف الوجود الفلسطيني في القدس، حيث خططوا وحاولوا زرع عبوة ناسفة بجوار مدرسة فلسطينية للبنات في مدينة الطور بالقدس الشرقية.

ولا يمكن لمثل هذا التنظيم أن يسلك هذا المسلك الإرهابي إلا إذا كان المناخ الرسمي العام، بكل صوره وأشكاله، متفهمًا ومتسامحًا إزاءه، بل وراضيًا وراغبًا فيه.

تنظيم: «هذا هو الثمن» أو «علامة الثمن» الإرهابي

يُعَدّ هذا التنظيم أحدث التنظيمات الإرهابية السرية اليهودية، التي يستهدف أعضاؤها -ومعظمهم من طائفة المستوطنين المتطرفين- الممتلكاتِ الفلسطينيةَ والمساجدَ والأفرادَ أيضًا، سواء داخل الكيان الصهيوني نفسه، أم داخل الضفة الغربية المحتلة. وكان أول ظهور لهذا التنظيم الإرهابي -الذي لا يزال يعمل حتى يومنا هذا- في عام 2008م، حين قام أعضاؤه بإتلاف بعض الممتلكات الفلسطينية، وحينها التزمت معظم الدوائر الرسمية الصهيونية الصمت إزاء هذا العمل الإرهابي، ووصفت الحكومة الصهيونية المُصغَّرة للشؤون الأمنية والسياسية فاعلِيه بأنهم مجرد «اتحاد غير مرخص»[52]. وحين استفحلت عمليات التنظيم وفاقت كل تصوُّر، وصفها رئيس الكنيست في عام 2011م، رؤوفين ريفلين رئيس الكيان الصهيوني حاليًّا، بأنها «إرهاب يهودي»[53].

يتبنَّى أعضاء هذا التنظيم أيديولوجية دينية مسيحانية متطرفة تؤمن بوجوب العمل من أجل التعجيل بقدوم المسيح اليهودي المخلِّص؛ وينتمي معظمهم إلى طائفة المستوطنين، كما أشرنا سابقًا؛ وتوفر زعامة المستوطنين التمويل المالي لعملياتهم الإرهابية، فضلًا عن التأييد والدعم الروحي الذي يلقَوْنه من الزعامات الروحية -الحاخامات -بالمستوطنات، ومن بعض الهيئات الدينية بها. ويحصي الصحفي اليميني، المتعاطف مع المستوطنين، ناداف شرجاي قائمة من الحاخامات الداعمين لهذا التنظيم الإرهابي، يأتي على رأسهم الحاخام العنصري يتسحاق جينز برج[54].

يرأس هذا الحاخام، الذي يُعَدّ الراعي الرسمي لهذا التنظيم، معهدًا دينيًّا يهوديًّا في مستوطنة «يتسهار» بالضفة الغربية المحتلة؛ وقد أثنى فيما سبق، في كُتيّب كتبه تحت عنوان باروخ البطل، على كبير الإرهابيين اليهود، باروخ جولدشتاين، مرتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي بالخليل، ووصفه بأنه من القديسين. ويُعَدّ فكره استمرارًا لاتجاهات متطرفة في المصادر الدينية اليهودية، وبخاصة في الكتابات العنصرية لمؤسس حركة «حباد» الأصولية الحاخام شنيؤر زلمان، التي «تجزم بأن هناك فارقًا جوهريًّا وعميقًا بين اليهودي وغير اليهودي»[55].

من هذا المنطلق العنصري، يرى هذا الحاخام أن الفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني وفى الضفة، بل في غيرها مما يُزعم أنه (أرض إسرائيل)، تنطبق عليهم مقولة: «شعوب كنعان السبعة عبدة الأوثان» الذين خُيّروا، بحسب التوراة، أثناء غزو بنى إسرائيل لأرض كنعان فلسطين- على يد يشوع بن نون، بعد خروج بني إسرائيل من مصر، بين الطرد من كنعان أو تصفيتهم[56]. وبذا يذهب هذا الحاخام العنصري في أفكاره أبعد مما ذهب إليه ميئير كهنا أكثر الحاخامات عنصريةً وصاحب نظرية «الترانسفير». وهو أيضًا صاحب كتاب شريعة الملك الذي يرى أنه ليس ثمة مشكلة في قتل عرب أبرياء، حتى لو كانوا أطفالًا.

ومن خلال الاعتداء على الفلسطينيين ومن بينهم المسيحيون، وعلى ممتلكاتهم ودور عباداتهم، استهدف هذا التنظيم الإرهابي في بداية نشاطه إيصال رسالة إلى سلطات الكيان الصهيوني، مفادها أن إخلاء أي بؤرة استيطانية من الضفة الغربية سيدفع ثمنها الفلسطينيون، إلا أن هذا الأمر تطوَّر وصار الاعتداء على الفلسطينيين وممتلكاتهم يتم بغير سبب، ويستهدف وجودهم ذاته.

وقد قاد هذا الاتجاه الإرهابي الأخير مجموعةٌ داخل التنظيم، تُطلق على نفسها اسم «مجموعة التمرد»، التي «بلورت تصورًا متطرفًا وفوضويًّا يتطلع إلى إقامة مملكة يهودا، وإعادة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى، وطرد أو قتل كل عبدة الأوثان (في نظرهم) -من مسلمين ومسيحيين- ممن يعيشون داخل ما يسمونه (أرض إسرائيل) المزعومة»[57].

وإلى جانب هذا الحاخام العنصري، فإن هناك هيئاتٍ دينيةً تدعم هؤلاء الإرهابيين، منها هيئة تُسمِّي نفسها: «السنهدرين الجديد»[58]، التي أصدر حاخاماتها العديد من (فتاوى) التأييد لهم ولنشاطهم، منها فتوى تؤيد اعتراضهم على إخلاء قوات الأمن لبعض البؤر الاستيطانية تقول: «توجب التوراة على كل إنسان من بني إسرائيل أن يتشبّث بأرض إسرائيل، وأن يعارض اقتلاع اليهود منها بتفانٍ وبكل ثمن، مثلما يضحي بنفسه في مواجهة غير اليهودي»[59]. وحين اعتُقل بعض أفراد التنظيم، إداريًّا، للاشتباه في حرقهم أسرةً فلسطينية في قرية «دوما»، أصدر حاخامات «السنهدرين الجديد» بيانًا يقولون فيه: «إن محكمة السنهدرين تدعمكم، وتُخفّف من حزنكم لكونكم اعتُقلتم دفاعًا عن كرامة السماء وكرامة شعب إسرائيل، وبذلتم أنفسكم من أجل قدسية الشعب والأرض»[60].

ولا يقتصر الأمر على دعم الحاخامات وبعض الهيئات الدينية المشار إليها سابقًا، وإنما يشمل دعم وتأييد شخصيات سياسية ووزراء في حكومة الكيان الصهيوني الحالية، منهم الوزير أوري أريئيل من حزب «البيت اليهودي»، الذي يدعو جهارًا نهارًا إلى هدم المسجد الأقصى وإعادة بناء الهيكل مكانه؛ وهو ما يتّسق مع أهداف هذا التنظيم الإرهابي وسائر التنظيمات اليهودية الإرهابية الأخرى، حيث يقول نصًّا: «لقد بنينا في السابق كثيرًا من الهياكل البديلة لهيكل سليمان -يقصد الكُنس- لكننا يجب علينا أن نبني الهيكل الحقيقي مكان المسجد الأقصى»[61].

وتقف هذه المجموعة، طبقًا لمعلومات الشاباك، خلف كل العمليات الإرهابية الخطيرة التي وقعت منذ ديسمبر 2014م، لا سيما إضرام النار في «خربة الديرات» وفي كنيسة «دورمتسيون» بالقدس، وفى كنيسة «الخبز والسمك» في كفر ناحوم، وإحراق منزل فلسطيني في كفر مالك، وإحراق منزل عائلة الدوابشة في قرية «دوما»، وإحراق بعض المساجد في منطقة الجليل[62]. وسنعرض لذكر أبشع هذه العمليات الإرهابية، تفصيلًا، لاحقًا.

وينبع تمادي هذه المجموعات الإرهابية في نشاطها، من حقيقة أن التشريع وهيئة القضاء في الكيان الصهيوني يتساهلان مع أعضائها؛ ففي حين يُعتقل المقاومون الفلسطينيون ويُحقَّق معهم، ويحاكَمون طبقًا للقانون العسكري المطبَّق في الأراضي المحتلة، فإن الإرهابيين اليهود «يتمتعون بتسهيلات تشريعية وقضائية، سواء من حيث مُدَد أيام الاعتقال، أو مُدَد أحكام الحبس والعقوبة، أو اتخاذ الإجراءات الإدارية ضدَّهم»[63].

وكما سبق أن ذكرنا، ارتكب هذا التنظيم الإرهابي عددًا كبيرًا من العمليات الإرهابية ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم ومساجدهم، لكننا سنكتفي بذكر اثنتين فقط منها تُظهران بشاعة هذا التنظيم، هما:

 قيام ثلاثة من هؤلاء الإرهابيين اليهود من أعضاء هذا التنظيم باختطاف صبي فلسطيني في السادسة عشرة من عمره، محمد أبو خضير، من بلدة شعفاط بالقدس في عام 2014م، وإشعال النار فيه وحرقه حتى الموت؛ وقد عثر على جثة هذا الصبي الفلسطيني متفحمةً في غابةٍ بالقرب من مستوطنة «هارنوف» بالقدس المحتلة.

في 31 يوليو 2015م، قام بعض الإرهابيين اليهود من أعضاء هذا التنظيم بإضرام النار في منزل عائلة الدوابشة بقرية «دوما»؛ مما أدّى إلى قتل كلِّ مَن في البيت حرقًا، بمن فيهم طفل رضيع؛ وقد كتب هؤلاء الإرهابيون على جدران البيت العبارات التالية: «انتقام» و«يحيا الملك المسيح» وغيرها[64].

خاتمة

تخلُص الدراسة إلى جملةٍ من النقاط، لعل أبرزها:

أن هناك تفاهمًا ضمنيًّا بين هذه التنظيمات اليهودية الإرهابية والمؤسسات الرسمية للكيان الصهيوني؛ وهو ما اتضح في غضّ هذه المؤسسات النظر عن وجودها ونشاطها، وفي التسامح الشديد إزاء أعضائها المدانين بأحكام حبس من خلال العفو عنهم، وإطلاق سراحهم.

أن هناك توافقًا واضحًا في الأهداف بين نشاط هذه التنظيمات الإرهابية ونشاط الهيئات الأمنية داخل الكيان الصهيوني، فيما يتعلق باستهداف الفلسطينيين ووجودهم وممتلكاتهم ومؤسساتهم الدينية؛ وهو ما كشف عنه، بجلاء، أحدُ أعضاءِ التنظيم اليهودي السرّي.

أن كل هذه التنظيمات تتبنّى أيديولوجية دينية متطرفة ومتعصبة، تسعى إلى نفي الآخر غير اليهودي، عبْرَ إرهابه، والتضييق عليه ودفعه دفعًا
إلى الرحيل.

تسعى هذه التنظيمات إلى تحقيق رؤية الدولة الدينية اليهودية التي لا وجود فيها للأغيار، وهي الرؤية ذاتها التي يتبنّاها رئيس حكومة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، وأطياف عديدة من مكونات الكيان الصهيوني، ويلحّ عليها في كل ظهورٍ له، ويشترط على الفلسطينيين أن يعترفوا بيهودية هذا الكيان قبل الشروع في أي تفاوضٍ معهم. ومن المؤكَّد أن التطبيق العملي لهذه الرؤية يجعل مصير الفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني -نحو 22% من عدد السكان -في مهب الريح، ويقضى عمليًّا على حق العودة الفلسطيني، ويرتب أمورًا أخرى في غير صالح الفلسطينيين.

من الواضح أن هذه التنظيمات الإرهابية تُمثِّل، في الوقت الحالي، رأس الحربة الذي يوظفه الكيان لتحقيق مآربه، مثلما مثلت المستوطنات، في فترة سابقة وما تزال، خطَّ الدفاع الأول عن الأطماع التوسعية لهذا الكيان الصهيوني، وخيرُ دليلٍ على ذلك أن هذه التنظيمات قائمة ومستمرة منذ نشأة الكيان الصهيوني وحتى يومنا هذا، بصُو

 

[1]  يرى الدكتور باروخ بيلح، في أطروحته للدكتوراه التي عنوانها: التاريخ السري للمسيحانية اليهودية، أنها تبدأ من «حلف البريونيم» -جماعة يهودية إرهابية حاربت الوجود الروماني في فلسطين وعارضت اليهود ممن هادنوهم- في نهاية العشرينيات من القرن العشرين عقب ثورة البراق في 1929م بخاصة؛ وأنها تستهدف إعادة بناء ما تسميه «مملكة إسرائيل» طبقًا لشريعة التوراة؛ وأنها لا تكتفي بانتظار المسيح اليهودي المخلِّص، وإنما تبادر بالقيام بعمليات إرهابية؛ من أجل التعجيل بهذا (الخلاص) المزعوم. (לולאת האל، החווייה הדתית לסוגיה، המשיחיות הציונית הרדיקלית، מברית הבריונים ועד המחתרת היהודית، ראיון עם ד"ר ברוך פלח، www.tomerpersico.com

ويضيف بيلح أن منظمتي «إتسل» و«ليحي»، الإرهابيتين، قد تبنّتَا هذه الرؤية المتطرفة، وأن ذلك انعكس في كتابات شبتاي بن دوف، إلى أن تبنّاها التنظيم السري اليهودي في ثمانينيات القرن العشرين. كان من مؤسسي بريت هبريونيم الشاعر الصهيوني المتطرف أوري تسفي جرينبرج، الذي كان دوره دور الملهم الفكري، وقد تبنّى هذا التنظيم رؤيةً تقوم على استعمال الإرهاب والرصاص والدم من أجل تحقيق رؤيا (خلاص الشعب والأرض). ويرى الدكتور بيلح، أن «ركائز الإحياء» التي وضعها أفراهام شتيرن، مع آخرين من تنظيم ليحي، بمثابة القانون الأساس للحركة المسيحانية، لا سيما الركيزة الثامنة عشرة، التي تُحتّم «بناء الهيكل الثالث» (שם).

 

[2] نذكر منهم، على سبيل المثال، الإرهابي اليهودي باروخ جولدشتاين، مرتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي بالخليل.

[3] אהוד שפרינצק , בין מחאה חוץ פרלמנטרית לטרור: אלימות פוליטית בישראל , מכון ירושלים לחקר ישראל , 1995,עמ8 .

[4] Boaz Ganor, “Defining Terrorism: Is One Man’s Terrorist Another Man’s Freedom Fighter” https://www.ict.org.il/Article/1123/Defining-Terrorism-Is-One-Mans-Terrorist-Another-Mans-Freedom-Fighter#gsc.tab=0

[5]  السابق.

[6]  שלי לוי , יונתן ארליך . מסמך רקע בנושא: אלימות פוליטית מצד יהודים בישראל , הכנסת , מרכז המחקר והמדע , 17 אוגוסט 2005 . وكلمة: «ليحي» اختصار لكلمات عبرية ثلاث هي: «محاربون من أجل حرية بنى إسرائيل»، وهو تنظيم سرى يهودي مسلح، ويميني متطرف، أسّسه أفراهام شتيرن. اغتال أعضاؤه اللورد موين في القاهرة، ووسيط الأمم المتحدة برنادوت في القدس عام 1948. كان يسرائيل إلداد هو المنظّر الأساس لهذا التنظيم الإرهابي.

[7] Shprintsaḳ, Ehud. Brother against Brother: Violence and Extremism in Israeli Politics from Altalena to the Rabin Assassination. New York, NY: Free Press, 1999. pp. 64 – 66.

[8] سمي هذا التنظيم على اسم فرقة يهودية قديمة متطرفة، عُرفت بتعصُّبها الديني، كما تقول أدبيات التاريخ اليهودي، طالبت بمحاربة الوجود الروماني في فلسطين حتى النهاية.

[9] שם , עמ 8 .

[10] וסי מילמן , אתר הארץ www. Haaretz. co. il

[11] שלי לוי , יונתן ארליך , שם , עמ 8 .

[12] Ehud Sprinzak, ibid., pp. 61 – 64

[13] ibid., pp. 180 – 216

[14] Pedahṣûr, Ami, and Arie Perliger. Jewish Terrorism in Israel. New York: Columbia Univ. Press, 2011. P 31.

[15] יוסי מילמן , שם .

[16] שלי לוי , יונתן ארליך , שם , עמ 8-9.

[17] משה הלינגר , יצחק הרשקוביץ , ציות ואי ציות בציונות הדתית מגוש אמונים ועד תג מחיר , המכון הישראלי לדמוקרטיה , 2015 , עמ 114-110.

[18] נעמי גל-אור , המחתרת היהודית , טרוריזם שלנו , הוצאת: הקבוץ המאוחד , 1990 , עמ 32 .

[19]  שלי לוי , יונתן ארליך , שם , עמ 9.

[20] Ehud Sprinzak. ibid., p. 238

[21]  עידו יוסף , קורות פעילות טרור הימין הקיצוני בישראל , אוגוסט 2005، http://www.news1.co.il

[22]  עידו , יוסף , שם .

[23]  الذي انضم وانتمى إلى حركة «كاخ» خلال فترة دراسته للطب في الولايات المتحدة الأمريكية.

[24]  وأتصوّر أن الإرهاب الذي ارتكبه أفراد يهود -وهو قائمة طويلة- يحتاج إلى دراسة خاصة.

[25]  משה הלינגר , יצחק הרשקוביץ , שם , עמ 110-114.

[26]  שלי לוי , יונתן ארליך , שם , עמ 9.

[27]  משה הלינגר , יצחק הרשקוביץ , שם , עמ 82-96. أما جماعة: جوش إيمونيم -كتلة الأوفياء للعقيدة- فهي حركة دينية يهودية متطرفة، ظهرت على سطح الأحداث بعد حرب 1973م، لاستئناف الاستيطان الصهيوني في الضفة الغربية وغزة وهضبة الجولان، ولتعزيز الاستيطان في النقب والجليل. وعلى الرغم من أن الحركة دينية في الأساس، فإن كثيرًا من العلمانيين دعموا نشاطها وتعاطفوا معها. وبحسب أحد زعمائها، جرشون شيفط، فإن الحركة امتداد للمشروع الصهيوني (משה הלינגר، יצחק הרשקוביץ، שם، עמ 35). ويرى الباحث تسفي رعنان، في كتابه الرائد عن الحركة، إن رؤية زعمائها تستند إلى تصور ديني متطرف، مفاده أن (شعب إسرائيل) «شعب يسكن وحيدًا، ويختلف عن سائر أمم العالم في نهجه الديني المتفرد» (משה הלינגר، יצחק הרשקוביץ، שם، עמ 45). حظيت الحركة بدعم وزراء الحزب الديني القومي الصهيوني، في الحكومة الصهيونية، وبدعم وزراء من حزب العمل، يأتي على رأسهم يجائيل يادين، وزير الخارجية في حكومة رابين الأولى، وشمعون بيرس، وزير الدفاع في الوزارة ذاتها، فضلًا عن دعم الشخصيات السياسية من الأحزاب اليمينية وعلى رأسهم يتسحاق شامير، وأريئيل شارون. ويرى ف. ج. ساراتوف، باحث بمعهد دراسات الشرق بأكاديمية العلوم بالاتحاد السوفيتي، أن زعماء جوش إيمونيم كانوا يدعون، على الملأ، إلى القيام بعمليات إرهابية ضد العرب. נוח זבולוני، גוש אמונים בעיני איש מדע סובייטי www.ranaz.co.il

[28]  חגי ,סגל , אחים יקרים , הוצאת: "כתר" ,1987.

[29] Fisher Shlomo, Self Expression and Democracy in Radical Religious Zionist Ideology, Ph.D. dissertation, the Hebrew University of Jerusalem, 2007, p. 327

[30] שלי לוי , יונתן ארליך , שם , עמ 9-10.

[31] Ehud Sprinzak, ibid., P. 160

[32]  נעמי גל-אור , המחתרת היהודית , שם , עמ 148-155.

[33]  נוח , זבולוני , הפזיזות החיובית، 13/8/1989، www.ranazco.il

[34]  חגי ,סגל , אחים יקרים ,שם .

[35]  תומר פריסקו , ציונות משיחית קיצונית על מחקר מדעי בנוגע להשפעות רעיוניות של ארגוני מחתרת הימין היהודי לדורותיו. http:tomer persico.com/2012

[36]  אהוד שפרינצק , בין מחאה חוץ פרלמנטרית לטרור , שם .

[37]  לולאת האל , החווייה הדתית לסוגיה , המשיחיות הציונית הרדיקלית , מברית הבריונים ועד המחתרת היהודית , ראיון עם ד"ר ברוך פלח www.tomerpersico.com

[38]  נפתלי רז , על צד שמאל , מגזין יומי עצמאי , מגזין הסוציאל דמוקרטים , למען הסוציאל דמוקרטים , על ידי הסוציאל דמוקרטים , שרשרת הטרור היהודי , 24 דצמבר 2015 .

[39]  יוסי גורביץ , החברים של גורג www.hahem.co.il/friendsofGeorge

[40]  שם ، وانظر أيضًا: נדב שרגאי , הר המריבה , הוצאת: "כתר" , ירושלים , 1995 , עמ 135 .

[41]  נפתלי רז , שם.

[42]  אלחנן גרובר , הקול היהודי , ב אייר , תשע"ח www.hakol hayehuedi.co.il

[43]  נעמי גל-אור , שם , עמ 12-17 .

[44]  استعمل هذا الإرهابي كلمةً عاميةً عربية، دخلت قاموس اللغة العبرية الحديثة وصارت جزءًا من مفرداتها في جميع اشتقاقاتها، هي كلمة: «مبسوط».

[45]  נעמה לנסקי , הטרוריסט הטוב www.haaretz.co.il

[46]  משה הלינגר , יצחק הרשקוביץ , שם , עמ 82- 96 .

[47]  שלום ירושלמי , עירא רפפורט מראשי המחתרת היהודית המפורסמת של שנות השמונים , מדבר לראשונה מאז שחרורו מהכלא www.makorrishon.co.il 2- 4- 2015.

[48]  وكان صديقًا مُقرّبًا من الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك.

[49]  משה הלינגר , יצחק הרשקוביץ , שם , עמ 95 .

[50]  נעמה לנסקי , שם .

[51]  אילן בכר , החשודים: רצינו להפחיד את הערבים . www.wikipedia.org

[52]  נפתלי רז , שם .

[53]  ריבלין בדיון המיוחד לזכר רבין: "תג מחיר זה טרור יהודי" www.mako.co.il/News.

[54]  נדב שרגאי , שם .

[55]  משה הלינגר , יצחק הרשקוביץ , שם , עמ 250 .

[56]  שם עמ 251.

[57]  ליאור אקרמן , מגבלות השב"כ מול טרור תוצרת הארץ www .IsraelDefence co.il ,

[58]  أعلى هيئة قضائية يهودية شرعية في القرن الأول الميلادي تقريبًا.

[59]  נפתלי רז , שם .

[60] www.hahem.co.il/friends of George.

[61] Israel Defense. ibid.

[62] ibid.

[63] ibid.

 [64]   חיים לוינסון , הנאשם ברצח בדומא: בן של רב שנשר מהלימודים והתחבר לקיצונים שבאנשי הגבעות , אתר הארץ 3ינואר 2016

شارك :

التعليقات (0)

أضف تعليق