أسباب ومظاهر التطرف لدى جماعات التشيع السياسي - دراسة الحالة الحوثية في اليمن

عبد الرحمن المعمري

أسباب ومظاهر التطرف لدى جماعات التشيع السياسي - دراسة الحالة الحوثية في اليمن

برزت في الساحة المحلية والدولية العديد من الجماعات المتطرفة من مختلف التوجهات الفكرية والعقائدية. ويتفق الكثيرون أن التطرف لا دينَ له ولا طائفة، ولكن على الرغم من ذلك يجري التركيز عادةً -سواء في وسائل الإعلام أو الملتقيات العلمية والبحثية- على جماعات بعينها، خصوصًا تلك التي تنتسب إلى السنة، كمثال على جماعات التطرف والغلو. في المقابل، يتم إغفال الجماعات المتطرفة «الشيعية» والتي أخذ دورُها يتصاعد منذ الغزو الأمريكي للعراق، ومِن ثَمّ سيطرة هذه الجماعات على مقاليد الأمور هناك. ووصل هذا الدور ذروته بما شهدَتْه بلدان أخرى كسوريا واليمن في السنوات القليلة الماضية في أعقاب ثورات الربيع العربي. 

في هذا السياق تحاول هذه الورقة تقديم مقاربة فكرية تاريخية لمظاهر التطرف لإحدى الجماعات «الشيعية» المتطرفة وهي جماعة الحوثي. في ظروف داخلية وإقليمية ملتبسة، تمكّنَت هذه الجماعة من الانقلاب واقتحام العاصمة صنعاء (سبتمبر 2014م)؛ لتظهر الجماعة من خلال خطابها وممارساتها كجماعةٍ متطرفةٍ إقصائيّة. وسيكون محور هذه الورقة أسباب ومظاهر التطرف لدى الحوثيين.

جماعة الحوثي: النشأة والتطور

ترجع تسمية الحوثيين إلى المرجع الشيعي بدر الدين الحوثي (1926-2010م)1، وتعود نشأة الجماعة في مرحلتها الجنينية إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي، (وتحديدًا في عام 1992م2)، عندما نشأ ما سُمّي في ذلك الوقت «منتدى الشباب المؤمن»، بزعامة كلٍّ من محمد بدر الدين الحوثي ومحمد سالم عزان، ليُشكّل مظلةً شبابيةً ثقافية لنشر الفكرة الزيدية وإحياء تعاليم المذهب الذي كاد يندرس وقتَها. استطاعت الجماعة أن تُحقق بعض الانتشار في سنواتها الأولى، ومما ساعد على ذلك عدة عوامل داخلية وخارجية؛ فمن تلك العوامل تغيرات المشهد العربي بعد حرب الخليج الأولى، وكذلك الانفتاح الحزبي الذي شهدته اليمن بعد الوحدة، والذي فتح الباب للتنافس والصراع بين التيارات المختلفة؛ مما دفع الزيدية إلى إيجاد أرضية سياسية لهم (حزب الحق)، وانتشار المد الإخواني والسلفي في اليمن عامةً ومناطق الزيدية خاصةً.

وفي هذه المرحلة تركزت أهداف الجماعة في تثقيف وتعليم أفرادها، ومحاولات التوسع وكسب المزيد من الأنصار، «وبالاطّلاع على مُجمل هذه الأهداف لا تبدو أيّ أهداف سياسية أو عسكرية أو نحوهما، بل إنها لا تخرج في جوهرها عن الأهداف العلمية والتربوية والثقافية العامة»3.

مع عام 1997م، انتقلت الجماعة إلى مرحلةٍ أخرى عندما تم الانقلاب على المؤسسين السابقين ليتسلّم دفّة الجماعة حسين بدر الدين الحوثي وعبد الله الرزامي4. تميَّزت هذه المرحلة بالتوجه من الجانب الفكري إلى الجانب السياسي، بل والعسكري في المرحلة الأخيرة من هذه الفترة. كما تميَّزت هذه المرحلة بظهور التأثر الكبير بالثورة الإيرانية ونموذج حزب الله من خلال كُتب الجماعة أو أنشطتها.

وفي عام 2004م، انتقلت الجماعة إلى العمل العسكري والمواجهات المسلحة مع النظام حينَها، وخلال الفترة 2004-2010م تعددت جولات الصراع بين الطرفين وبلغت ست جولات ما كانت تقف إحداها حتى تعود إلى الاشتعال مرةً أخرى.

وخلال هذه الفترة توسعت رقعة المواجهات، فبَعد أن كانت محصورة في الجولة الأولى (2004م)، في مساحة لا تتجاوز 15% من مساحة محافظة صعدة5، توسعت في آخر مواجهة عسكرية إلى مناطق واسعة من عدة محافظات يمنية وصولًا إلى الحدود الشمالية مع المملكة العربية. وبحسب بعض التقارير فقد وصل عدد المقاتلين المشاركين مع الحوثي في هذه الجولة إلى نحو عشرة آلاف مقاتل6.

ومع اندلاع ثورة فبراير 2011م  -في سياق ثورات الربيع العربي- انضمت جماعة الحوثي إلى الجموع المنادية بإسقاط النظام حينَها، وانضموا إلى ما اصطُلح عليه يومَها «ساحات التغيير» التي شهدت تنافسًا واستقطابًا داخليًّا بين الحوثيين من جهة وبقية المكونات الشبابية والحزبية من جهةٍ أخرى، إلا أن توقيع المبادرة الخليجية، التي قضت بتخلِّي الرئيس السابق عن منصب الرئاسة لنائبه عبد ربه منصور هادي، أدّى إلى أول شقاقٍ علنيّ في الصف الثوري؛ حيث رفض الحوثيون المشاركة في المبادرة وما نتج عنها من انتخابات رئاسية وحكومة وفاق وطني.

وفي موقف براجماتي مناقض لموقفهم السابق من المبادرة الخليجية، اشترك الحوثيون في مؤتمر الحوار الوطني (مارس 2013-يناير 2014) (أحد مقرّرات المبادرة الخليجية). وبينما كانت مختلف القوى الوطنية منشغلة بجولات الحوار الوطني، بدأت الجماعة بالهجوم على مركز دار الحديث (السلفي) في دمّاج بمحافظة صعدة، مطالبةً بتهجير طلبة الدار، وهو الأمر الذي تم فعلًا في يناير 2014م بعد مواجهات استمرت قرابة ثلاثة أشهر، ليمتد توسُّعها بعد ذلك إلى المحافظات المجاورة حتى أسقط الحوثيون محافظة عَمران (يوليو 2014م)، ثم دخلوا العاصمة صنعاء لاحقًا في سبتمبر من ذلك العام. وبسيطرتهم على العاصمة صنعاء توجهت الجماعة إلى التوسع نحو مناطق وسط وجنوب وغرب اليمن.

سيطر الحوثيون - بالشراكة مع أتباع الرئيس السابق علي عبد الله صالح - على مقاليد الحكم في صنعاء، وتم احتجاز الرئيس عبد ربه منصور هادي (يناير 2015م) الذي تمكّن لاحقًا من الفرار من مقر احتجازه واللجوء إلى المملكة العربية، وطلب التدخل لإنهاء الانقلاب، وهو ما نتج عنه «عاصفة الحزم» وتشكيلُ تحالُفٍ عربيٍّ لإنهاء هذا الانقلاب. فشل التحالف العربي في تحقيق نصرٍ خاطفٍ سريعٍ أو إعادة الرئيس إلى اليمن، وخضعت العمليات العسكرية للعديد من الحسابات السياسية الإقليمية والدولية؛ الأمر الذي أدّى إلى إطالة زمن الحرب دون أي أفق للحسم أو التسوية.

مظاهر العنف لدى جماعة الحوثي

في حروب جماعة الحوثي، سواء ضد الجيش اليمني أثناء الجولات الست 2004-2009م أو في المراحل اللاحقة أثناء توسُّعها في المحافظات الأخرى، مارست جماعة الحوثي العديد من أعمال العنف ضد خصومها كالقتل والتعذيب والتهجير وتفجير البيوت والمساجد وتلغيم الجثث واستخدام المدنيين كدروع بشرية. وقد بلغ بهم الأمر حد التباهي بقتلهم لعددٍ يصل إلى 60 ألف جنديٍّ خلال جولات الحروب الست7، وتكررت هذه الممارسات في مواجهات الجماعة ضد خصومها حتى أصبحت كالسيناريو الثابت حيثما حلّت أو وصلت ميليشياتها.

وتتراوح الانتهاكات والتجاوزات المتطرفة للحوثيين ابتداءً من الانقلاب على الدولة والإجهاز على العملية السياسية في البلد، وما تبِعَ ذلك من قمع كل الأصوات المناوئة والمنابر الإعلامية المختلفة معها، وصولًا إلى القتل والتصفيات والاعتقالات وتفجير البيوت ومصادرة الممتلكات. وتنشر الجمعيات والمنظمات الحقوقية، المهتمة بتوثيق جرائم هذه الجماعة، أرقامًا صادمةً لحالات الخطف والقتل والتهجير الجماعي واستهداف المدنيين وزرع الألغام. فعلى سبيل المثال، سجّل التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد) أن المليشيا الحوثية الانقلابية اختطفت وأخفت قسريًّا 18606 أشخاص في مختلف محافظات الجمهورية، خلال الفترة من سبتمبر 2014 وحتى يوليو 2017م8.

وفي بيانه الذي أصدره بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان 10 ديسمبر 2017م، عدَّد (رصد) الممارسات التي تتخذها جماعة الحوثي:« ... من انتهاكات متزايدة وقمعٍ مُمَنهجٍ ترتكبه مليشيا الحوثي الطائفية شمل كافة الحقوق، حيث يعاني المدنيون الأبرياء من القتل المتعمد خارج نطاق القانون، والإخفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، والتهجير، وقمع الاحتجاجات السلمية، والتعذيب، وتقييد حرية التنقل، والحرمان من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والمدنية والسياسية، أهمها الحق في التعليم والصحة والعمل، والحق في المشاركة السياسية»9. أما منظمة سام للحقوق والحريات في تقريرها المعنون بـ (القتل المتوحش) عن عام 2016م، فقد وثقت أنواعًا متعددة من انتهاكات جماعة الحوثي يشمل: الإعدامات الميدانية (فردية وجماعية)، الموت تحت التعذيب، الدروع البشرية. تقول المنظمة في تقريرها:

«تعددت أشكال ووسائل التعذيب المستخدمة ضد الضحايا، والتي رصدتها المنظمة بين الضرب المبرح والمنع من الطعام واستخدام الكلاب البوليسية والتعذيب بالصدمات الكهربائية، شملت هذه الانتهاكات العديد من الناشطين السياسيين والاجتماعيين والمهنيين من صحفيين وأطباء وأكاديميين»10.

 والذي يظهر، أن هذه الممارسات ليست مجرد أعمال عشوائية أو فردية أو ردود أفعال اعتباطية، بل تنطلق من جذور وأسباب نحاول تتبُّعها في هذه الورقة. 

جذور وأسباب التطرف لدى جماعة الحوثي

من التعريفات الوظيفية المختصرة لجماعة الحوثي والتي تلقي الضوء على تطرُّف وعنف الجماعة ما ذكره أحمد الدغشي في كتابه عن الجماعة؛ حيث وصف الحوثيين بأنهم جماعة «سلفية ماضوية شيعية طالبانية مقاتلة»11.

وبحسبِ مركزِ أبعادٍ للدراسات والبحوث، فهذه الجماعة تتصف بعددٍ من السِّمات12، من أهمها أنها:

حركة فكرية مذهبية تستخدم الأيديولوجيا والتاريخ والجغرافيا.

حركة مسلحة عنيفة تتمدد في الفراغات وفي ظل الفوضى.

حركة عنصرية إقصائية تعتمد على التمايز الطبقي في المجتمع.

جذور وأسباب التطرف لدى جماعة الحوثي تنبع من التالي:

ادِّعاء الحق الإلهي في الحكم

هذه هي أسُّ أسباب التطرف لدى هذه الجماعة التي تدّعي امتلاك الحق المطلق في التحكم برقاب الناس وبتوجيه رباني؛ فهم أصحاب الحق الإلهي في الولاية التي يحصرونها في أئمتهم، وما على الآخرين إلا السمع والطاعة وإلا يكون قد خلع ربقة الإسلام من عنقه. ومَن يعارضهم فقد خرج عليهم، ويستحق بموجبها أن يُستحَلّ ماله ودمه. لذلك لا نستغرب كيف تسرف هذه الجماعة في الدماء والأموال والانتهاكات ما دامت ترتكز على «حقها الإلهي» في التسلط على الناس.

فالحوثية ما هي إلا محاولة إحيائية لفكر وممارسة دولة الأئمة التي جاء بها الإمام الهادي يحيى بن الحسين13 (245-298هـ) عند قدومه إلى صعدة في عام 284هـ. وتتمحور فكرة الدولة في هذا الفكر حول مفهوم «الإمامة» الذي اعتبروه أصلًا من أصول الدين عندهم، وهذه الإمامة محصورة في نسل «البطنين»، الحسن والحسين ابنَيْ عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنهم-، ومِن ثَمّ تلغي حق الأمة في الاختيار والترشيح والترشح لهذا المنصب. وقد ذكر الإمام الهادي شروط الإمام فقال: «الإمام الذي تجب طاعته هو أن يكون من وَلدِ الحسن والحسين -صلوات الله عليهما-، ويكون ورعًا تقيًّا...»، ثم ساق بقية المواصفات والشروط ليؤكد في نهاية المواصفات بقوله: «فمن كان كذلك من ذرية السّبطَيْن، الحسن والحسين صلوات الله عليهما، فهو الإمام المفترضَةُ طاعتُه، الواجبةُ على الأمة نُصرتُه»14

وبهذا المفهوم تتالت تنظيرات الأئمة الزيدية السابقين في وجوب تنصيب إمام، وأن يكون هذا الإمام من «البطنين». يقول القاضي إسماعيل الأكوع: «فقد اهتمّ هو (يقصد الإمام الهادي) ومَن خَلَفهُ من الأئمة في اليمن بأمر الإمامة، وحصرَها في أبناء البطنين، الحسن والحسين، حتى جعلها أصحاب هذا المذهب أصلًا من أصول الدين الخمسة المتضمنة لعقائدهم، وهي الأصول الخمسة المعروفة عند المعتزلة، إلا أن الزيدية استبدلوا الإمامة بالمنزلة بين المنزلتين»15. وقد ورثت جماعة الحوثي هذه الأفكار وتبنّتها. ينقل الدغشي في كتابه عن الحوثيين أن لبدر الدين الحوثي رسالة إرشاد الطالب إلى أحسن المذاهب (1987م)، يقول فيها: «والولاية بعد رسول الله لعلي بن أبي طالب -عليه السلام- بدليل حديث الغدير وحديث المنزلة وغيرهما، كما ذكرناه في الدفتر الذي يأتي. ولم تصح ولاية المتقدمين عليه: أبي بكر وعمر وعثمان... ثم يقول: والولاية من بعده (أي الإمام علي) لأخيار أهل البيت: الحسن والحسين وذريتهما الأخيار، أهل الكمال منهم... والولاية لمن حكم الله بها له في كتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- رضي الناس بذلك أم لم يرضوا، قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ۗ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا﴾ [الأحزاب: 36] وقال تعالى: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ [الأعراف: 54]؛ فالأمر إلى الله وحدَه، وليس للعباد أن يختاروا غير من ولَّاه الله في شريعته»... إلى أن يقول: «ولا دخل للشورى في الرضى بحكم الله أو ردِّه؛ لأنه ما لهم من دونه من وليّ ولا يُشرِك في حكمه أحدًا»16.

وقد نشرت الجماعة ما أسمتها «الوثيقة الفكرية والثقافية للزيدية» والتي وقع عليها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وعددٌ من علماء ورموز الزيدية التقليدية، وفيها يتعرّضون لأهم نقاط الاتفاق والإجماع لديهم. ومن أخطر ما أوردوه موضوع «الاصطفاء»؛ حيث صادروا كلَّ حقٍّ للأمة والشعب في اختيار وانتخاب من يقتنع به، وبدلًا من ذلك أقرُّوا أن الولاية هي حق لهم بموجب «اصطفاء إلهي» كما يقولون: «أما مسألة الاصطفاء فالذي نعتقده أن الله -سبحانه وتعالى- يصطفي مَن يشاء مِن عباده جماعاتٍ وأفرادًا، كما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 33]، كما قال صلى الله عليه وآل وسلم: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ بَنِي كِنَانَةَ قُرَيْشًا، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ). ونعتقد أن الله -سبحانه- اصطفى بيت رسول -صلى الله عليه وآله وسلم- وجعلهم هداةً للأمة وورثةً للكتاب من بعد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- إلى أن تقوم الساعة، يُهيِّئ لكلِّ عصرٍ مَن يكون منارًا لعباده وقادرًا على القيام بأمر الأمه والنهوض بها في مجالاتها: (إنّ عند كلِّ بدعةٍ تكون من بعدي يكاد بها الإسلام وليًّا من أهل بيتي موكلًا يُعلن الحق وينوره ويردّ كيد الكائدين؛ فاعتبروا يا أولي الأبصار وتوكلوا على الله)، ومنهجيّتنا في إثباته وتعيينه هي منهجية أهل البيت عليهم السلام»17.

وهذه الوثيقة ثابتة عند الحوثيين وإن حاولوا إخفاءها، لكنهم لم ينكروا نسبتها إليهم، ولم يتبرّؤوا مما فيها على الرغم مما أثير إعلاميًّا حولها منذ إصدارها، بل إن ما أزعجهم هو «أن وثيقة داخلية كهذه غير قابلة للنشر العام تسربت ووصلت إلى الصحافة والرأي العام، فكشفت جانبًا جوهريًّا مستورًا من فِكر الحركة السياسي... وقد صرّح بذلك الناطق الرسمي للحوثيين -محمد عبد السلام- بتأكيده صدور ذلك عن الحركة، مُقرًّا أنه أساء إلى الحركة وشوَّه صورتها على نحو غير مسبوق، وخاصةً أنّ الوثيقة غير قابلة للنشر الخارجي، بل هي محض تثقيف داخلي لأفراد الحركة»18.

وفي هذا السياق نشير كذلك إلى ردّ العلامة مجد الدين المؤيدي (1914 -2007)19 على قصيدة الشاعر المصري أحمد شوقي «الهمزية النبوية»، في مديح النبي صلى الله عليه وسلم، التي أورد فيها أن النبي جعل الناس سواسية، ولا يوجد «سوقة وأمراء»، وأنهم جميعًا «أكفَاء»، فقال شوقي مخاطبًا النبي الكريم:

وتركتَ بعدك للأنام حكومةً          لا سُوقـــــةٌ فيـــها ولا أمـــراءُ
الله فوقَ الخلق فيها وحــــدَهُ          والناسُ تحــتَ لوائـــها أكفَـــاءُ
الدينُ يُسرٌ والخلافــــة بيعةٌ          والأمر شورى والحقوقُ قضاءُ

 

رفض المؤيدي أفكار شوقي واتهمه بـ«الهذيان»، وألّف قصيدةً يعارضه فيها، ويؤكد أن الله اصطفى «سلالته»، وأن الناس منقسمون على أساس عنصري وليس على أساس ما كسبت أيديهم، وأن هذا هو حكم الله. يقول المؤيدي:

حكم الإله ونص سنّة أحمـــــد        دع عنك ما تهذي به الشعراءُ
حكمًا برغمِ الجاحدين بحكمــــه      بالاختيار فلا يـــردّ قضــاء
والاصطفاءُ ورفع بعضكمُ على      بعضٍ أتى فلتخسأ الأهواءُ
أتردّ حكمَ اللـــــه جــــلَّ جلالُه        وتقول جهلًا إنهنّ ســـواءُ

وحديث أن الله جلّ قد اصطفى       ذريةً وردت بها الأنبـــاءُ

من صفين والجمل إلى الحروب الست

يزخر التاريخ الشيعي بمحطات عديدة من الحروب والمواجهات والمآسي، واستذكار هذه الأحداث ومداومة مطالعتها يؤثر في تشكيل الشخصية الشيعية الناقمة على تاريخها وحاضرها، والراغبة في الانتقام ممّن حولها. هذا الأمر يلفت انتباه الباحثين في التاريخ والفكر الإسلاميين كالدكتور مراد هوفمان الذي أشار إلى تأثير المآسي التاريخية في الشخصية الشيعية؛ فيخلص في قراءته التاريخية للشيعة إلى أنّ «شعور الشيعة بالظلم، وذلك لتعرُّضهم للاضطهاد والملاحقات والقمع قرونًا، ولَّد روحًا ثورية، لكنه في الوقت نفسه ألجأهم إلى التمسك بمبدئهم «التقية» المناقض للروح الثورية أشدَّ ما يكون التناقض، حيث يسمح هذا المبدأ للشيعي أن يقول شيئًا ويُضمر شيئًا آخر»20.

هذه القراءة للتاريخ أوجدت مشاعر من الحزن والحنق المكبوت لدى أفرادها يتم استرجاعها والتذكير بها في كل مناسبة. في الحالة الحوثية، وعند استعراض سريع لمحاضرات زعيم الحوثيين السابق حسين بدر الحوثي21 نجده دائم التركيز على هذا التاريخ واستخدامه لإثارة مستمعيه، ففي ملزمة «ذكرى استشهاد الإمام علي» يقول حسين الحوثي: «وهكذا يجب -أيها الأخوة- أن نتذكّر المأساة بفقد الإمام عليٍّ (صلوات الله عليه) على هذه الأمة، والشقاء الذي جلبه غيابه في تلك اللحظة والفترة التاريخية الحرجة على هذه الأمة. ونفكّر أيضًا فيما جلبَه مَن أقصَوْا عليًّا22 والقرآن الذي جاهد من أجله علي، وقُرِن به علي، ما جلبوه من وبال وشقاء وفساد على هذه الأمة»23. ويقول أيضًا: «عندما نرى الإمام عليًّا (صلوات الله عليه) يسقط شهيدًا لا يكفي أن نحزن، لا يكفي أن نبكي، لا يكفي أن نتألم، بل لا بد أن نأخذ العبرة، أن نتساءل: لماذا نرى الصادقين يسقطون شهداء داخل هذه الأمة؟! ولماذا رأينا، وعلى امتداد التاريخ، الظالمين الطغاة المحرّفين للدين المنتهكين لحرمات الله هم من يحكمون هذه الأمة، وباسم رسالة هذه الأمة (الإسلام)؟!»24

ويقول في ملزمته «الوحدة الإيمانية»: «... معاوية، هل كان امتدادًا لعليٍّ، أم كان امتدادًا لعثمانَ وعمرَ وأبي بكر؟ من كان امتدادًا له؟ معاوية سيقول لك مَن هو امتدادٌ له. هل كان معاوية يشيد بذكر عليٍّ أم يلعنه؟ كان يلعنه، لكن كان يشيد بذكر أبي بكر وعمرَ وعثمان، ويدفع بالآخرين إلى أن يثنوا عليهم، وأن يختلقوا الفضائل لهم. إذًا هو امتداد لأولئك، أليس كذلك؟ ثم يزيد: مَن بعده امتدادٌ لمن؟ لمعاوية، ثم خلفاء الدولة الأموية، ثم خلفاء الدولة العباسية، ثم إلى الآن، إلى الآن»25.

وتزخر أدبياتهم باستعراض المآسي التاريخية ويحرصون على إحيائها والتذكير بها؛ لتبقى حاضرةً في الذهن والعقلية الحوثية ليتم إسقاط ذلك الحدث على أي صِدام تواجهه الجماعة مع مخالفيها أو خصومها، كما يقول حسين الحوثي : «إن حادثة كربلاء، إن ثورة الحسين (عليه السلام) حدث تستطيع أن تربطه بأي حدث في هذه الدنيا»26. فإحياء تلك الذكريات والتذكير الدائم بها يسجن النفوس في مدًى زمنيٍّ معيّن، ويشحن القلوب برغبة عارمة في الانتقام؛ حيث لا يكفّون عن اجترار الماضي ومآسيه، ولذلك نجد أن معركتَيْ صفين وكربلاء لا تزالان حاضرتين في الذهنية الشيعية يعيشونها في أي صِدَام يواجهونه، بحيث يرون في كل خصمٍ لهم يزيد وزياد ابن أبيه. يقول حسين الحوثي: «إذا ما فهمنا أن حادثة كربلاء هي نتاج لذلك الانحراف، حينئذٍ يمكننا أن نفهم أن تلك القضية هي محطّ دروس وعِبَر كثيرة لنا نحن مَن نعيش في هذا العصر المليء بالعشرات من أمثال يزيد وأسوأ من يزيد»27. ولا يكتفى بصفين وكربلاء فحسب، بل يتم تحويل جميع محطات الصِّدام التاريخية إلى ملهم ثوري في نفوس أتباعهم «نحن في هذا العصر من أمامنا رصيد هائل من الأحداث، أمامك كربلاء، وأمامك يوم الحرة، وأمامك ضرب الكعبة، وأمامك استشهاد زيد، واستشهاد أصحاب «فخ»، وأمامك الأحداث الرهيبة التي تكشف لك عواقب التفريط والضلال والتقصير والجهل»28.

الإرث التاريخي الفكري والعملي للتطرف

على الرغم من الوصف الشائع للمذهب الزيدي –بشكلٍ عام– وهو أنه أكثر المذاهب الشيعية اعتدالًا وقربًا من أهل السُّنة، إلى درجة وصفِه بأنه يُمثّل سُنّة الشيعة أو شيعة السُّنة؛ فقد يصدق هذا التوصيف على جانبٍ معيّن من الفكر الزيدي، وهو ما يتعلق بموقف الزيدية من الإمامة أو الخلافة؛ فهي لا تتبنّى مذهب الاثني عشرية القائل بالنص على الإمامة وكذا عصمة الأئمة29؛ حيث يختطّ المذهب الزيدي خطًّا مختلفًا يقوم على نظرية تقديم المفضول على الأفضل، وذلك كمخرج تاريخي لموقفهم من خلافة الخلفاء الراشدين الثلاثة الذين تقدّموا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. ومن نواحي الاعتدال الذي يراه الآخرون في المذهب الزيدي ناحية النأي عن سبّ الصحابة وشتمهم، فضلًا عن تكفيرهم؛ الأمر الذي يُمثّل علامة مميزة عن المذهب الاثني عشري القائم على تكفيرهم.

بل إنّ مصطلح الاثني عشرية ووَصْفهم بالرافضة، في إحدى الروايات، يعودان إلى الإمام زيد بن علي، إمام المذهب الزيدي. ومن نواحي الاعتدال التي اعتبرها بعض الباحثين في المذهب الزيدي ناحية التقارب الفقهي مع بعض المذاهب السُّنّية كالحنفية، وكذا اشتراكه مع المعتزلة في كثيرٍ من أصول العقيدة. هذا التقارب من الناحية التاريخية يعود إلى علاقة التتلمُذ والأستاذية التي ميزت العلاقة بين الإمام زيد بن علي من جهة والإمام أبي حنيفة وواصل بن عطاء زعيم المعتزلة من جهةٍ أخرى30.

إذًا، كان كل ما سبق يُدخل المذهب الزيدي في خانة الاعتدال، فدراسة أصول المذهب الزيدي ومبادئه، في كثيرٍ من مراحله التاريخية وتطبيقاته السياسية، تشير إلى أنه مذهب «ثوري عنيف». فإذا كان الزيدية لا يقولون بالنص في الإمامة، فإنّ من أهم شروطهم لنيل مرتبة الإمامة هو الثورة أو «الخروج» بمصطلح الزيدية التي تشترط أن «يخرج الإمام داعيًا لنفسه»31. فيفتح هذا الشرط باب الثورة أمام كل طامح لزعامة سياسية؛ إذ لا تتحقق له الزعامة ويدين الناس له إلا إذا خرج مناديًا بالثورة. وعن شرط الخروج يقول مؤلف كتاب تاريخ الأئمة الزيدية في اليمن حتى العصر الحديث: «ولكن هذا الشرط نفسه كان عونًا لبعض الطامعين منهم في الخروج على الإمام القائم بالأمر. وقد أدى هذا المبدأ من دون شكٍّ إلى قيام كثيرٍ من الفتن والاضطرابات منذ دخول المذهب الزيدي إلى اليمن»32. وإذا كان الخروج يُعتبر «عملًا ثوريًّا» من الناحية السياسية، فهو لا ينفصم عن دوافعه الفكرية والعقائدية التي تبيح لهذا الخارج أن يسفك الدماء ويستحل الحرمات في سبيل تحقيق الهدف الذي خرج من أجله.

إضافةً إلى ذلك، إن من أصول العقيدة عند الزيدية مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر33، على عكس الشيعة الاثني عشرية التي تعتقد بالتقِيَّة والتستر. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موجَّه أساسًا إلى الجانب السياسي لا الاجتماعي، وهو الأمر الذي سار عليه مؤسس الزيدية في ثورته على هشام بن عبد الملك، ودفع حياته ثمنًا لهذا الخروج ولهذه الثورة ليؤسس مسارًا ثوريًّا لأتباعه بعد ذلك34.

هذا على الصعيد النظري، أما على الصعيد العملي فمن خلال متابعة السياق التاريخي للدعوة الزيدية سنجد أنها دعوة «ثورية» بامتياز؛ فمؤسسها قاد ثورة انتهت بمقتله ليقوم بعده ابنه يحيى بن زيد الذي ناله ما نال والده في عام (125هـ). وهكذا كان شأن مَن جاء بعدهم؛ حيث قضوا حياتهم مطارَدين ومقتولين حتى تأسست أول دولة لهم في اليمن بمجيء الهادي يحيى بن الحسين إلى صعدة. 

وعلى مدار ما يقارب ألف عام 898م – 1962م، حكم فيها الأئمة الزيديون اليمن35، كانت السمة السائدة خلال مراحل حكمهم الصراعات المسلحة والعنف الاجتماعي والثورات المتعاقبة. غير أن هناك أئمةً اشتُهِروا وفاقوا غيرهم في التطرف في أعمال العنف ضد خصومهم ومخالفيهم.

وقد كانت أعمال العنف الاجتماعي والسياسي في تلك الفترة مبنية على مرجعية فكرية وعقائدية تقوم على تكفير المخالف، واستباحة الأموال، وهدم البيوت والمساجد، بل وحتى سبي النساء. هذا الأمر تكرر حدوثه أكثر من مرة كما حدث للمُطَرِّفية36 على يد الإمام عبد الله بن حمزة (ت: 614هـ، 1217م)، الذي كفّرهم، ومن ثمّ «أحدث في المُطرِّفية القتل والهدم ومارس ضدهم الإرهاب والعنف والقسوة؛ لذلك فقد تفرّغ لهم فقتل رجالهم وسبى نساءهم وأطفالهم وهدم مساكنهم وخرّب مزارعهم وممتلكاتهم، فلم تشفع لهم كثرة عبادتهم وزهدهم وأعمال البر وخدمة الفكر، بل إنه أصدر حكمه الجائر ضدهم، ونفّذه بكل قسوة ووحشية؛ إذ حكم على مناطقهم وهجرهم بأنها دار حرب، وما أدراك ما دار الحرب عند عبد الله بن حمزة: (تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم ويُقتلون بالغيلة والمجاهرة ولا تُقبل توبة أحدٍ منهم)»37.

والقضاء على المُطرِّفية من الحوادث المشهورة في تاريخ الأئمة الزيدية التي يثبتونها في كتبهم بل ويتباهون بها، كما نجد ذلك في أحد كُتبهم التي تُعدِّد مناقب الأئمة الزيدية، حيث قال المؤلف وهو يؤرّخ لسيرة الإمام المتوكل فيقول: «وهو خلال ذلك يجتهد في تدمير المُطرِّفية، وصبّ كل محنة عليهم وبلية، حتى صاروا بين قتيل وطريد، وأجرى فيهم الأحكام من القتل وسبي الذرية في البلاد الحميرية وغيرها من الجهات المغربية»38. والقصة أيضًا أثبتها أبو فراس بن دعثم السيرة المنصورية39.

وتكرَّر الأمر لأهل صنعاء على يد الإمام نفسه الذي جهّز جيشًا بقيادة أخيه الأمير يحيى بن حمزة، و«أباح له صنعاء التي دخلها بالفعل وقتل رجالها» وسبى ستمائة من نساء صنعاء، واقتسموهن في قاع طيسان. وعندما استنكر الناس سبي نساء المسلمين قال عبد الله بن حمزة: «أما النساء فنحن الآمرون به» ثم ذهب يؤصل لفعلته الشنيعة فألّف كتابًا بعنوان الدرة اليتيمة في أحكام السبا والغنيمة، أكّد فيه شرعية ما قام به، وأنه لم يخرج عمّا أفتى به أئمة أهل البيت مِن قبله»40.  وكذلك فعل الإمام المتوكل على الله إسماعيل، (ت: 1087هـ -1676م)، في القرن السابع عشر الميلادي، حيث استطاع توحيد كامل الأراضي اليمنية تحت حكمه (1644-1676م)؛ إذ اعتبر أبناء جنوب اليمن وشرقه الشوافع (أتباع المذهب الشافعي) «كفار تأويل خصوصًا وقد حكمهم الأتراك –وهم (أي الأتراك) في نظره كفار تأويل أيضًا -وقد جعل أرضهم خراجية41- كما فعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أرض خيبر. وألّف في ذلك كتابه: إرشاد السامع إلى جواز أخذ مال الشوافع، ولما أتاه الناس شاكِين، ما كان ردُّه عليهم إلا أن قال: إنني أخشى أن يسألني الله عما أبقيت في أيديهم42.

من هذا الإرث الثقافي التاريخي والعقائدي تأسّست جماعة الحوثيين في تسعينيات القرن الماضي، مستندةً إلى هذا الركام الضخم من التكفير والعنف الفكري والعملي؛ ليكون الناتج في المحصّلة جماعة تؤمن بالعنف وسيلةً للتغيير والتقرب إلى الله.

مظاهر التطرف لدى جماعة الحوثي

إذا كانت تلك هي أسباب التطرف وجذوره لدى جماعة الحوثي، فإن هذا التطرف قد أخذ صورًا ومظاهرَ متعددة، فبالإضافة إلى ممارسات العنف بصُوَره المختلفة من القتل والتهجير والاختطاف تاريخيًّا وحاضرًا -والذي تناولناه سابقًا- فهناك مظاهر أخرى للتطرف نوجزها كالتالي:

ادِّعاء الحق في تفسير أحكام الله (القرآن الناطق)

بناءً على ادِّعائهم أنهم أصحاب الحق الإلهي في الحكم والسيطرة، فالجماعة (أو زعيمها بشكلٍ أدقّ) ترى أنها تمتلك الحقيقة المطلقة، وهي صاحبة الحق في تأويل الدين الإسلامي وتفسيره؛ وبهذا تتحول «ملازم» أو محاضرات مؤسسهم إلى منهج حياةٍ لهم يُمثّل الحق المطلق الذي ليس وراءه إلا الضلال، لدرجة أنهم اخترعوا له لقب «القرآن الناطق» وكتبوا ذلك ونشروه في شوارع المدن التي تقع تحت سيطرتهم.

وبناءً على هذه العقلية الإقصائية المتطرفة التي لا تقبل بالآخر ولا تعترف به، يمكن قراءة وفهم التسميات المختلفة التي تطلقها الجماعة على نفسها. فمن خلال تبنِّي جماعة الحوثي –مثلًا- لاسم «أنصار الله» المستوحى من الآية الكريمة عن حواريي النبي عيسى -عليه السلام- الذين استجابوا له فآمنوا به بينما كفر به الآخرون: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 52)، وقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ ۖ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ ۖ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَىٰ عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ﴾ [الصف: 14]. فالجماعة هنا تعتبر نفسها أنَّها هي الجماعة التي لبّت نداء الله وتسير على منهجه، ومَن عداها فقد تخلّف عن هذه «المسيرة» كما تخلّف أولئك الذين نزلت فيهم الآية عن الإيمان بنبيّ الله عيسى. فأصبحت الجماعة هي ميزان الحق لديهم، ومَن خالفها فهو المنافق، كما بيّن ذلك عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة43؛ فالنفاق -حسب تعريفه- هو «حالة الاختلال في مسألة الولاء والانحراف في توجيهه عن التوجه الصحيح»، والولاء المشار إليه هو الولاء للمؤمنين -الحوثيين- كما يتضح ذلك من سياق كلامه. أما عن عقوبة المنافق فإنه «يستوجب أقسى العقاب من الله وأسفل منزلة في النار؛ فلا يوجد ذنب أكثر عقوبةً منه»، وأيضًا «لا يُقبل معه الاستغفار حتى استغفار النبي الأكرم صلوات الله عليه وآله بقدره ومنزلته»، وإن النفاق «يحوّل مجموعة كبيرة من أبناء الأمة إلى أعداء حقيقيين وخطيرين جدًّا للأمة الإسلامية»44.

وللاستزادة في دلالة التسميات؛ فالحقيقة أن الناظر والمحلِّل للأسماء التي أطلقتها الحوثية على أفرادها يجد الدلالة المشار إليها سابقًا، فبدءًا من الاسم الأول في التسعينيات جماعة «الشباب المؤمن» بإطلاق صفة «المؤمن» وليس «المسلم أو الإسلامي»45، ثم تسمية زحفِهم وهجومِهم على المدن والمحافظات اليمنية في عام 2014م (المسيرة القرآنية)؛ فكل هذه التسميات فيها تزكية للنفس، وادّعاء احتكار الحقّ ولو في اللاوعي لدى الأفراد، فهم (الشباب المؤمن) و(أنصار الله) وأهل (المسيرة القرآنية)، ويتم تعبئتهم عقائديًّا تبعًا لهذه التسميات.

تكفير المخالف

النتيجة الطبيعية والمنطقية لادِّعاء الحق الإلهي واحتكار الحقيقة هي تكفير المخالف؛ «فالحوثيون جماعة دينية تقوم على فكرة تكفير الآخر المخالف، وهذا مبدأ نظريّ عندها، ينتج عنه أو يترتب عليه استحلال الدم والعِرض والأموال»46. فهذه الجماعة في تطرُّفها وممارساتها مستندة إلى موروث عقائدي تاريخي يضيق بالمخالِف ويقصيه ويستعديه ويكفّره، بل ويستحلّ دمه وماله؛ فالآخَر هو كافر (تأويل) في نظره؛ يحلّ دمه وماله بل وتُسبى نساؤه كما فعل الإمام عبد الله بن حمزة مع المطرِّفية وتأصيله لهذه الممارسات في كتابه الدرة اليتيمة في تبيين أحكام السّبا والغنيمة47. فهذا كله يدل على عدم تقبُّل المخالف، بل والتقرُّب إلى الله بتكفيره وقتله. فالآخر «منافق» وحكمه كما بيّن زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي في خطبته عن صفات المنافقين: «هذه الفئة المحاربة من المنافقين المعتدية غير المسالمة فئة تحارب، تعتدي، تستهدف الأمة عسكريًّا أو أمنيًّا، هذه الفئة يجب التصدي لها بالقتال، فخذوهم؛ البعض مثلًا قد يكون بالاعتقال، والبعض بالقتال، واقتلوهم حيث ثقفتموهم، وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانًا مبينًا»48.

وتكفير المخالف نابعٌ من أنهم قرنوا الإيمان بإمامتهم والانصياع لحكمهم بالإيمان بالله ورسوله؛ فكفّروا مخالفيهم في العقيدة والرافضين لهم، وهو ما يظهر في مؤلفاتهم وسياسات أئمتهم؛ إذ يسارعون إلى تكفير المخالف لهم (كفار التأويل) ولو في جزيئات، ويبنون عليه كل أحكام الكفار، من استباحة المال والأنفس، لدرجة تحريم أكل ذبيحة أهل السُّنة، كما قال الإمام الهادي –مؤسس الزيدية في اليمن-: «يُحرّم من الذبائح ست: ذبيحة اليهودي...، وذبيحة المشبّه لأنه يقول: إنه يعبد الذي يقع عليه بصره يوم القيامة»49. بل قد يفقد المخالف لهم حق الكافر على المسلم (حق الدعوة) حيث لا يتم التعامل معهم إلا بالعنف والسلاح. وحاليًّا نشاهد الألقاب التي تُطلق على مخالفيهم في وسائل إعلامهم المقروءة والمسموعة والمرئية مثل: منافقين ومرتزقة وغيرها. يقول عبد الملك الحوثي:

«هناك فئة هي من أغرب فئات النفاق ومن أغرب المنافقين، هذه الفئة يُستحسن أن نسميها مطاوعة النفاق، المنافقين المطاوعة، وهم المتحركون بعناوين إيمانية وبصفة إيمانية والبعض قد ينخدع فيهم، وخاصةً أن لديهم خطباء بارعين، ولديهم مَن يتقنون الفن الخطابي في منابر المساجد، ويحرصون حتى على الشكليات، وأن يَظهروا بصورة متدينة وجذّابة إيمانيًّا وتحت عناوين دينية... وما إلى ذلك. فمطاوعة النفاق، وأصحاب المساجد الذين يشتغلون في نفاقهم من خلال المساجد ومنابرها، منافقون منافقون...»50.

هذا الموقف المتطرف من تكفيرٍ للمخالف والذي يقابله من تزكيةٍ للنفس و«الصف/الجماعة»، وصبغ أعمال جماعتهم بأنهم في مهمة مقدَّسة يسهم في «تخفيف مستوى النهي الداخلي» -كما أسماه عبد الباري عطوان في كتابه عن الدولة الإسلامية- لأفرادهم، بل قد يصل إلى درجة أنه يخلق شهيةً للقيام بأعمال عنيفة جدًّا حتى من أشخاص لم تظهر عليهم من قبلُ علامات الميل إلى مثل هذه الأفعال51؛ فهذه القناعات الفكرية والعقائدية تُوفِّر دافعًا لهذه الجماعات لتغذية التطرف وممارسة العنف.

الخاتمة

ناقشت هذه الورقة جذور التطرف ومظاهره لدى جماعة الحوثي في اليمن كنموذجٍ لجماعات التشيع السياسي. تتبّعَت الدراسة مراحل تطوُّر الجماعة وأهم المحطات التي مرت بها، كما استعرضَتْ بعض مظاهر العنف والتطرف الذي تمارسه الجماعة.

قدّمت الورقة قراءةً لجذور التطرف وأسبابه لدى الحوثيين، والذي تمثَّل أولًا في ادِّعاء جماعتهم للحق الإلهي في الحكم؛ حيث سلطت الورقة الضوء على نظرية الحكم لدى أتباع الحوثي القائمة على فكرة الإمامة التي يُشترط فيها أن تكون في نسل الحسن أو الحسين ابنَيْ عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنهم-، أو ما اصطُلح على تسميته «البطنين»؛ ومِن ثَمَّ يتم مصادرة حق الأمة والشعب في تولية حُكّامها واختيارهم أو الترشح لمنصب الإمامة. وبالنظر إلى العامل التاريخي، يعود تطرُّف الجماعة إلى استبطانها المعارك التاريخية منذ القرن الأول الهجري وحتى الحروب الست بينهم وبين نظام علي صالح السابق. فهاجس التاريخ لا يزال يحكم ويتحكم في العقلية الشيعية التي لا ترى في صراعاتها الحاضرة إلا صورةً من معركتَيْ صفين وكربلاء، وهذا ما يظهر في خطاباتهم. ويعود تطرف الجماعة إلى الإرث التاريخي الفكري والعملي للإمامة التي حكمت اليمن منذ مجيء الإمام الهادي بن الحسين أواخر القرن الثالث للهجرة، هذه الإمامة التي تعتبر الحوثية نفسها امتدادًا فكريًّا وسياسيًّا لها، وتتبنَّى مذهبها وآراءها.

وتطرُّف الجماعة يظهر في ادِّعائها الحق في تفسير الأحكام الإسلامية وتأويلها، وأنها تمتلك الحقيقة المطلقة وأصبحت هي التي تُمثِّل الإسلام؛ فالجماعة هي «المسيرة القرآنية»، وأفرادها هم «أنصار الله»، وهم «الشباب المؤمن»، ومقاتلوهم هم «المجاهدون»، وخصومهم هم «المنافقون»؛ فينتج عن ذلك تكفير المخالفين لها.

إنَّ جماعةً بهذه المواصفات والعقائد لا يمكن أن تتقبّل الآخر، ولا يمكنها أن تتعايش مع غيرها؛ مما يعقِّد كثيرًا من إيجاد أيّ حلول أو تسويات معها، ما لم تراجع أفكارها وتؤمن بضرورة الشراكة مع الآخرين وحقهم في الممارسة السياسة وأن البلد يتسع للجميع.


الهوامش

  1. انظر: رياض الغيلي، «الحوثية الثورية والهاشمية السياسية»، من إصدارات مركز أبعاد للدراسات، انظر:

http://www.abaadstudies.org/en/node/59726

وتنسب الجماعة أحيانًا إلى حسين بن بدر الدين الحوثي باعتباره الزعيم الأبرز لهذه الجماعة، لكن جهود الأب هي التي لعبت الدور الأبرز في التأسيس منذ مرحلة «منتدى الشباب المؤمن» وكذلك جهوده قبل ذلك.

  1. عادل الأحمدي، الزهر والحجر: التمرد الشيعي في اليمن وموقع الأقليات الشيعية في السيناريو الجديد، صنعاء: مركز نشوان الحميري للدراسات والنشر، 2007، ص 130.
  2. أحمد محمد الدغشي، الحوثيون ومستقبلهم العسكري والسياسي والتربوي، الدوحة: منتدى العلاقات العربية والدولية، 2013م، ص 29.
  3. الأحمدي، الزهر والحجر، مرجع سابق، ص 130.
  4. تقع مدينة صعدة على بعد 242 كم شمال غرب العاصمة صنعاء. وتبلغ مساحة محافظة صعدة 11 ألف كم مربع، ويسكنها أقل من 800000 نسمة يمثلون 3.5% من سكان اليمن.
  5. عارف العمري، «حرب صعدة من أول شرارة حتى آخر قذيفة». موقع الحوار المتمدن:

http://www.m.ahewar.org/s.asp?aid=189680&r=0

  1. صرّح بذلك محمد البخيتي -عضو المكتب السياسي للحوثيين- في إحدى مقابلاته للجزيرة (برنامج ما وراء الخبر) بتاريخ 10 أبريل 2014م.
  2. موقع تقرير التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان (رصد) على الإنترنت:

www.ycmhrv.org/News/Read/QWsMoiQ2

  1. موقع تحالف رصد على شبكة الإنترنت:

www.ycmhrv.org/News/Read/Mgu1ZHzl

  1. تقرير المنظمة على الإنترنت https://www.samrl.org/ar/brutal-killing/
  2. أحمد الدغشي، مرجع سابق، ص 142.
  3. مركز أبعاد للدراسات والبحوث، «مسارات الحركة الحوثية.. بذور الفناء»، 4 فبراير 2018م.

www.abaadstudies.org/news-59773.html

  1. جابر زايد، «الهادية والحوثية: الإمامة في البطنين» مركز أبعاد للدراسات، 2018، ص 85.
  2. يحيى بن الحسين، كتاب الأحكام في الحلال والحرام، تحقيق: المرتضى المحطوري، ج2، مكتبة بدر للطباعة والنشر والتوزيع، ط1، 2013، ص 393-394.
  3. إسماعيل الأكوع، الزيدية: نشأتها ومعتقداتها، صنعاء: مكتبة الجيل الجديد، 2007م، ص 80.
  4. أحمد الدغشي، مرجع سابق، ص 104.
  5. عبد الملك الحوثي وآخرون، الوثيقة الفكرية والثقافية، صادرة بتاريخ 13 فبراير 2013م، (والملاحَظ أن هذه الوثيقة تم سحبُها من جميع مواقعهم).
  6. أحمد الدغشي، مرجع سابق، ص 107.
  7. من علماء الزيدية المعاصرين.
  8. مراد هوفمان، الإسلام كبديل، ترجمة: غريب محمد غريب، الرياض: مكتبة العبيكان، 1997م، ص 131.
  9. تم تفريغ المحاضرات الصوتية إلى محاضرات مكتوبة أسمَوْها «الملازم» وينشرونها بين أتباعهم وفي مواقعهم.
  10. يَقصد أبا بكر وعمر وعثمان؛ حيث قد ذكرهم بالاسم في موضع سابق.
  11. حسين الحوثي، ملزمة ذكرى استشهاد الإمام علي، 2010، ص 10.
  12. المرجع السابق، ص 10.
  13. حسين الحوثي، ملزمة الوحدة الإيمانية، 2010، ص4.
  14. حسين الحوثي، دروس من وحي عاشوراء، 2010، ص1.
  15. نفسه.
  16. السابق، ص9.
  17. محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص 191.
  18. السابق، ص 202.
  19. السابق، ص 192.
  20. محمد بن محمد بن يحيى زبارة، تاريخ الأئمة الزيدية في اليمن حتى العصر الحديث، القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، 1998، ص 7.
  21. محمد أبو زهرة، مرجع سابق، ص 215.
  22. شهد مبدأ الخروج عند الزيدية تطورًا وتحولًا في التأصيل لمبدأ الخروج، فمن ثورةٍ ضدّ ظلم بني أمية -في خروج الإمام زيد على هشام بن عبد الملك- إلى محاولة ادّعاءٍ للحق الإلهي وصبغها بالفكر السلالي.
  23. بلغ عدد الأئمة الذين حكموا اليمن 72 إمامًا لهذه الفترة، وبعض المؤلفات التاريخية تُرجمت لمائة وعشرين إمامًا، مع التنبه إلى أن حكمهم في الغالب لم يشمل كامل اليمن الجغرافي، بل كانت مناطق سيطرتهم بين مدٍّ وجَزْر.
  24. المطرِّفية: فرقة زيدية تُنسب إلى مؤسسها مطرِّف بن شهاب، وهو من أعلام أواخر المائة الرابعة وأوائل المائة الخامسة للهجرة، ومن شيعة الإمام الهادي يحيى بن الحسين، وأتباع مذهبه في الفروع. تعرَّضت الفرقة للإبادة بشكل مُمَنهج خلال القرنين الخامس والسادس الهجريين في اليمن، واتُّهمت بأنها فرقة مارقة ومرتدة على يد الإمام عبد الله بن حمزة، ومن أهم أسباب العداوة معهم إجازتهم الإمامة في غير آل البيت.
  25. عبد الفتاح البتول، خيوط الظلام: عصر الإمامة الزيدية في اليمن، صنعاء: مركز نشوان الحميري للدراسات والنشر، 2007، ص142.
  26. حميد المحلي، الحدائق الوردية في مناقب الأئمة الزيدية، تحقيق: المرتضى المحطوري، صنعاء: مطبوعات مركز بدر العلمي، 2002، ج2/309.
  27. أبو فراس بن دعثم، السيرة المنصورية: سيرة الإمام عبد الله بن حمزة، تحقيق: عبد الغني محمود عبد العاطي، بيروت: دار الفكر المعاصر، 1993م، 3/824 وما بعد.
  28. إسماعيل بن علي الأكوع، هجر العلم ومعاقله في اليمن، بيروت: دار الفكر المعاصر، 1995، ج3/1211.
  29. في الفقه الإسلامي تُقسّم الأرض إلى أرض خراجية وأرض عُشرية؛ فالخراجية هي التي فتحها المسلمون، سواء بالصلح مع أهلها أو عنوة وتركوها في يد أهلها على تأدية الخراج كبلاد الشام ومصر، بينما العُشرية يؤخذ منها الزكاة (العُشر) كالمدينة المنورة واليمن.
  30. محمد بن عبد الله الإمام، رافضة اليمن على مَرّ الزمن، ذمار: دار الحديث، معبر، 2006، ص 377.
  31. عبد الملك الحوثي، خطورة النفاق، 1، 1438هـ.، محاضرة مُفرّغة في موقع: الثقافة القرآنية:

http://www.thagafaqurania.com/archives/25577

  1. عبدالملك الحوثي، المرجع السابق. 
  2. لاختلاف المرتبتين بين الإسلام والإيمان.
  3. عبد الرحمن المعمري، «دوافع العنف المعاصر في اليمن: الظاهرة الحوثية نموذجًا»، العنف والسياسة في المجتمعات العربية المعاصرة: مقاربات سوسيولوجية وحالات، (الدوحة: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2017م) ج1- ص 432.
  4. طبع ضمن مجموع رسائل الإمام عبد الله بن حمزة، تحقيق: عبد السلام الوجيه، عمّان: مؤسسة الإمام زيد الثقافية، 2002م.
  5. عبدالملك الحوثي، خطورة النفاق ج2. 26/ رمضان 1438هـ.، محاضرة مفرغة في موقع: الثقافة القرآنية:

http://www.thagafaqurania.com/archives/25589

  1. يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي، المجموعة الفاخرة للإمام الهادي، تحقيق: علي أحمد الرازحي، صنعاء: دار الحكمة اليمانية، 2000، ص289.
  2. عبد الملك الحوثي، مرجع سابق.
  3. عبد الباري عطوان، الدولة الإسلامية: الجذور، التوحش، المستقبل، بيروت: دار الساقي، 2015، ص 152.

أواصر - مجلة فكرية فصلية

www.awasr.com